الآية 4 وقوله تعالى : { وإنك لعلى خلق عظيم } خلقه العظيم القرآن ، ومعناه : أدبه القرآن ، وذلك كقوله تعالى : { خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين } [ الأعراف : 199 ] وكقوله تعالى : { ادفع بالتي هي أحسن } [ المؤمنون : 96 وفصلت : 34 ] وكقوله تعالى : { واخفض جناحك } [ الحجر : 88 ] .
فأخذه العفو ، وأمره بالعرف ، وإعراضه عن الجاهلين ، ودفعه السيئة بالتي هي أحسن ، وخفضه الجناح للمؤمنين من أعظم الخلق . وتخلق بهذا كله بما أدبه القرآن ، والله أعلم .
وقال بعضهم : الخلق العظيم هو الإسلام ، والإسلام ، هو الاستسلام والانقياد لأمر الله تعالى ، وقد استسلم لذلك ، وسلم الناس من لسانه ويده ومن كل أنواع الأذى ، وذلك من أعظم الخلق .
والأصل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلف معاملة أعداء الله تعالى ومعاملة أولياء الله وأنصاره ، وكلف أن يرفض الدنيا ، ويتزهد فيها ، وكلف معاملة الصغير والكبير والعالم والجاهل والجن والإنس ، وكلف معاملة نسائه .
ومن كلف المعاملة مع هؤلاء لم يقم لها إلا بخلق عظيم ، فرزقه الله تعالى خلقا عظيما حتى احتمل المعاملة ، وقام معهم بحسن العشرة ، وحتى عوتب على عظيم خلقه بقوله : { عفا الله عنك لم أذنت لهم } [ التوبة : 43 ] وبقوله : { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك } [ التحريم : 1 ] .
وقال : { فلعلك باخع نفسك على آثارهم } [ الكهف : 6 ] وقال : { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } [ فاطر : 8 ] .
فالذي حمله على هذه المشقة والكلفة العظيمة حسن خلقه وفضل شفقته ورحمته ؛ فعظم خلقه أن خلقه جاوز قوى نفسه حتى ضعفت نفسه عن احتماله ، وكادت تهلك فيه . وغيره من الخلائق تقصر أخلاقهم عن قوى أنفسهم ، ويحتمل إضعاف ما هم عليه من الخلق ، وتضيق أخلاقهم عن ذلك ، فهذا الذي ذكرنا هو النهاية في العظم . وبالله التوفيق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.