وقوله تعالى : ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ) من الناس من يقول بأن هذه الآية صلة قوله تعالى : ( إذ أنتم مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس )[ الأنفال : 26 ] كانوا ضعفاء أذلاء ، في ما بين الكفرة خائفين في ما بينهم ، فهموا أن يمكروا برسول الله . والمكر به ما ذكر من القتل والإثبات ، وهو الحبس أو الإخراج . كأنهم تشاوروا في ما بينهم ، واستأمروا ما [ يفعلون به ][ في الأصل وم : يفعل بهم ] .
فذكر في القصة أن بعضهم أشاروا إلى القتل ، وبعضهم إلى الحبس ، وبعضهم بالإخراج ، فكانت مشاورتهم وأمرهم رجعت إلى أحد هذه الوجوه ؛ إما القتل وإما الحبس [ وإما الإخراج ][ ساقطة من الأصل وم ] .
ثم أخرج الله رسوله من بين أظهرهم على الوجه الذي يكون مطيعا لله متعبدا له في ما كان خروجه بأمره ، فيكون خروجه على غير الجهة التي أرادوا هم به . وسمى خروجه هجرة ، ليعلموا أنه إنما [ علم ][ من م ، ساقطة من الأصل ] بكيدهم ومكرهم به بالله ليكون آية من آيات نبوته ورسالته خروجه[ في الأصل وم : بعد خروجه ] من بين أظهرهم ، ومفارقته إياهم كما كان له من الآيات وقت مقامه بين أظهرهم .
وهو كما كان لعيسى آيات وقت مقامه بين أظهرهم ، وآية كانت له بالرفع بعد مفارقته قومه . فعلى ذلك الأول ، ولو كانوا يتوافقون[ في الأصل وم : يتوافقوا ] بما ذكرنا من القتل أو الحبس دون الإخراج لم يكن ليخرج رسوله من بين أظهرهم ، وهم قد هموا بإخراجه ، واله أعلم .
وفي قوله تعالى : ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك ) إلى آخر ما ذكر تذكير ما أنعم الله على رسوله وأصحابه لأنه آواهم إلى الأمن بعد ما كانوا خائفين فيهم ، وأنزلهم المدينة بعد ما كانوا في الغيران في الجبال هاربين منهم ، ورزقهم من الطيبات طعام البشر بعدما كانوا يتناولون من طعام البهائم والسباع ، يذكر نعمه عليهم باستنقاذه إياهم من بين ظهرانيهم والحيلولة بينه وبين ما قصدوا ، وهموا بالمكر به والهلاك .
[ وفي قوله تعالى ][ في الأصل وم : بقوله ] : ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين )[ وجوه في الاحتجاج ][ في الأصل وم : فيه من الوجوه احتجاجا ] عليهم .
أحدهما : ما ذكرنا أنهم تشاوروا في ما بينهم بالمكر له ، ولم[ الواو ساقطة من الأصل وم ] يطلعوا أحدا ، ثم علم ذلك ، فخرج[ أدرج قبلها في الأصل وم : هو ] ، ليعلموا أن الله هو الذي أطلعه على ذلك .
والثاني : [ كانوا يخوفون ][ في الأصل وم : كان يخوفهم ] الهلاك بمكرهم برسوله ، فخرج من بينهم من غير أن أصابه ما هموا به .
والثالث[ في الأصل وم : و ] : قد أصابهم من الهلاك الذي [ كانوا يخوفون به ][ في الأصل وم : كان يخوفهم ] ، وحل بهم ما كانوا قصدوا[ في الأصل وم : به وقصدوه ] . وذلك ما ذكر من مكر الله بهم .
وقوله تعالى : ( ويمكر الله والله خير الماكرين ) قال بعضهم : أرادوا بمكرهم شرا ، وهو أن يطفئوا هذا النور ليذهب هذا الدين ، وتدرس آثاره . وأراد الله أن يسلم منهم نفر ليكونوا أعوانا ونصرا له ليأخذوا بذلك ، فهو خير الماكرين .
وقيل : ( ويمكرون ويمكر الله ) أي أرادوا قتله ( ويمكر الله ) أراد قتلهم ، فقتلهم ببدر ( والله خير الماكرين ) أي أفضل مكرا منهم ، غلب مكره مكرهم . وقال بعضهم قوله ( ويمكرون ويمكر الله ) أي يجزيهم جزاء مكرهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.