تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَا تَقُمۡ فِيهِ أَبَدٗاۚ لَّمَسۡجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقۡوَىٰ مِنۡ أَوَّلِ يَوۡمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِۚ فِيهِ رِجَالٞ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْۚ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُطَّهِّرِينَ} (108)

وقوله تعالى : ( لا تقم فيه أبدا ) قيل : لا تصل فيه لأنهم سألوه أن يصلي فيه ، وقيل : ( لا تقم ) أي لا تأته ، ولا تدخل ، وهو واحد .

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ ) قال بعضهم : هو مسجد قباء ، وقال بعضهم : هو مسجد رسول الله . وروي عن أبي سعيد الخدري[ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : اختصم ، أو قال : اختصمنا [ في ][ ساقطة من الأصل وم ] المسجد الذي أسس على التقوى ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «هو مسجدي هذا »[ الترمذي3099 ] «هو مسجدكم هذا »[ مسلم1398/514 ] . وعن أبي بن كعب [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى ، فقال : «هو مسجدي هذا » . وظاهر ما ذكر أن يكون مسجد قباء لأنه ذكر لما نزل ( فيه رجال يحبون أن يطهروا والله يحب المطهرين ) قال لأهل قباء : «إن الله قد أحسن عليكم الثناء ، فماذا تصنعون ؟ قالوا : إنا نغسل عنا إثر الغائط أو البول »[ أحمد3/422 ] وفي بعض الأخبار «قالوا : يا رسول الله إنا نجد مكتوبا علينا في التوراة الاستنجاء بالماء فلا ندعه ، فقال : لا تدعوه »[ السيوطي في الدر المنثور4/290 ] .

وقوله تعالى : ( فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا ) يحتمل أي فيه رجال يؤثرون التطهر بالإيمان والتوحيد و الصلاة فيه ، وفي كل مسجد هذا فيه مؤسس على التقوى أي تقوى الشرك والخلاف لأمر الله ومناهيه ، أو يقول : ( فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ ) أي يؤثرون التطهر بالتقوى والأعمال الصالحة على غيرها من الأعمال التي تنجسهم . ويحتمل ما ذكر أهل التأويل من التطهير من الأقذار والأنجاس ؛ كأنه قال : فيه رجال يؤثرون الإبلاغ في التطهر من الأقدار والأنجاس التي تصيبهم .