قوله عز وجلَّ : { فَتَلَّقى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلَمَاتٍ فَتابَ عَلَيْهِ } :
أما " الكلام " فمأخوذ من التأثير ، لأن له تأثيراً في النفس بما يدلُّ عليه من المعاني ؛ ولذلك سُمِّيَ الجُرْحُ كَلْماً لتَأْثِيره في البدن ، واللفظُ مشتق من قولك : لفظت الشيء ، إذا أخْرجْتَهُ من قلبك .
واختُلِفَ في الكلمات التي تلقَّاها آدم من ربِّه على ثلاثة أقاويل :
{ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ }{[93]} وهذا قول الحسن ، وقتادة ، وابن زيد .
والثاني : قول آدم : اللهم لا إله إلا أنت ، سبحانك وبحمدك ، ربِّ إني ظلمت نفسي ، فاغفر لي ، إنك خير الغافرين ، اللهم لا إله إلا أنت ، سبحانك وبحمدك ، إنِّي ظلمت نفسي ، فتُب عليَّ ، إِنَّك أنت التوابُ الرحيم ، وهذا قول مجاهد .
والثالث : أن آدم قال لربِّه إذ عصاه : ربِّ أرأيت إن تبت وأصلحت ؟ فقال ربُّه : إني راجعك إلى الجنَّةِ ، وكانت هي الكلمات التي تلقاها من ربه ، وهذا قول ابن عباسٍ .
قوله عز وجل : { فَتَابَ عَلَيْهِ } ، أي قبل توبته ، والتوبةُ الرجوع ، فهي من العبد رجوعه عن الذنب بالندم عليه ، والإقلاع عنه ، وهي من الله تعالى على عبده ، رجوع له إلى ما كان عليه .
فإن قيل : فِلمَ قال : { فَتَابَ عَلَيْهِ } ، ولم يقُلْ : فتابَ علَيْهِما ، والتوبة قد توجهت إليهما ؟ قيل : عنه جوابان :
أحدهما : لما ذكر آدم وحده بقوله : { فَتَلَّقى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ } ، ذكر بعده قبول توبته ، ولم يذكر توبة حوَّاء وإن كانت مقبولة التوبة ، لأنه لم يتقدم ذكرها .
والثاني : أن الاثنين إذا كان معنى فعلهما واحداً ، جاز أن يذكرَ أحدهما ، ويكونَ المعنى لهما ، كما قال تعالى :
{ وَإذَا رَأَوا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا }{[94]} وكما قال عز وجل :
{ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ }{[95]} .
قوله عز وجل : { إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } ، أي الكثيرُ القبولِ للتوبةِ ، وعقَّبه بالرحمة ، لئلا يخلِّيَ الله تعالى عباده من نِعَمِهِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.