بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَتَلَقَّىٰٓ ءَادَمُ مِن رَّبِّهِۦ كَلِمَٰتٖ فَتَابَ عَلَيۡهِۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ} (37)

قوله تعالى : { فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ } ، قرأ ابن كثير { فَتَلَقَّى آدَمُ } بنصب آدم ورفع كلمات . وقرأ غيره برفع { آدم } وكسر كلمات . فأما من قرأ { فَتَلَقَّى آدَمُ } بالرفع فمعناه أخذ وقيل من ربه . ويقال : تلقى وتلقف بمعنى واحد في اللغة . وأما من قرأ بنصب { فتلقى آدم } يعني استقبلته كلمات من ربه . يقال : تلقيت فلاناً بمعنى استقبلته . ومعنى ذلك كله : أن الله تعالى ألهمه كلمات ، فاعتذر بتلك الكلمات وتضرع إليه ، فتاب الله عليه .

وروي عن مجاهد أنه قال : تلك الكلمات هي قوله عز وجل : { قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسرين } [ الأعراف : 23 ] الآية . وقال بعضهم : قال : بحق محمد أن تقبل توبتي . قال الله له : ومن أين عرفت محمداً ؟ قال : رأيت في كل موضع من الجنة مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فعلمت أنه أكرم خلقك عليك . فتاب الله عليه . وروى الضحاك عن ابن عباس أنه قال : الكلمات هي قوله سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، رب عملت سوءاً وظلمت نفسي فتب عليّ وارحمني ، إنك أنت التواب الرحيم . سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد ألا إله إلا أنت ، رب عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي وارحمني وأنت خير الغافرين . سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد ألا إله إلا أنت رب عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي وارحمني وأنت خير الراحمين .

قوله تعالى : { فَتَابَ عَلَيْهِ } ، يعني قبل الله توبته . يقال : تاب العبد إلى ربه وتاب الله على عبده ، فهذا اللفظ مشترك إلا أنه إذا ذكر من العبد يقال : تاب إلى الله ، وإذا ذكر من الله تعالى يقال : تاب الله على عبده ، إذا رجع العبد عن ذنبه . وتاب الله على عبده ، إذا قبل توبته . قوله : { إِنَّهُ هُوَ التواب الرحيم } يعني المتجاوز عن الذنوب الرحيم بعباده .