ولما تسبب عن جزاء آدم عليه السلام بالإهباط الذي هو كفارة له أنه أُلهم الدعاء بما رحم به عبر عن ذلك بقوله{[1912]} : { فتلقى } أي فهبطوا فتلقى { آدم } بعد الهبوط ، والتلقي ما يتقبله القلب باطناً وحياً ، أو كالوحي أبطن من التلقن{[1913]} الذي يتلقنه لفظاً وعلماً ظاهراً أو{[1914]} كالظاهر - قاله الحرالي : { من ربه } {[1915]}أي المحسن إليه في كل حال{[1916]} { كلمات } أي ترضيه سبحانه بما أفهمه التعبير بالتلقي ، وهي جمع كلمة ؛ وهي دعاء دعا به ربه{[1917]} أو ثناء أثنى به{[1918]} عليه ؛ وتطلق الكلمة أيضاً على إمضاء أمر الله من غير تسبيب حكمة ولا ترتيب حكم - قاله الحرالي ثم قال : في عطف الفاء في هذه الآية إشعار بما استند إليه التلقي من تنبيه{[1919]} قلب آدم وتوفيقه مما أثبته له إمساك حقيقته عند ربه ، ويعاضد معناه رفع الكلمات وتلقيها آدم{[1920]} في إحدى القراءتين ، فكأنه تلقى الكلمات{[1921]} بما في باطنه فتلقته الكلمات بما أقبل بها عليه فكان مستحقاً لها ، فكانت متلقية له بما جمعت القراءتان من المعنى { فتاب }{[1922]} من التوب وهو رجوع بظاهر باطنه الإنابة وهو رجوع بعلم باطنه الأوبة وهو رجوع بتقوى قلب - انتهى .
عليه } لذكره إياه بالكلمات مخلصاً في نيته ، ثم علل بقوله { إنه هو }{[1923]} أي خاصة{[1924]} { التواب } {[1925]}أي البليغ التوبة المكرر لها ، ولما كان قد جعل على نفسه المقدس أن يتفضل على المحسن قال : { الرحيم } أي لمن أحسن{[1926]} الرجوع إليه وأهله لقربه .
قال الحرالي : وكان إقراره بلفظه أدباً وإذعاناً لقيام حجة الله على عباده بما أنبأ عنه من قوله :
{ ربنا ظلمنا أنفسنا{[1927]} }[ الأعراف : 23 ] الآية ، وهذه توبة قلب وعمل لا ينقض مخصوص حال القلب منها ناقض وهي التوبة النصوح التي تبرئ من الذنب بتحقيق توحيد القلب وتوجب تكفير الخطايا الظاهرة التي لا أصل لها في القلب من حجاب دعوى في الأفعال وشرك في أمر الله ، فبمقتضى ما في باطنه ظهر فيه اسمه الرحيم الذي هو من الرحمة وهو اختصاص فضله بالمؤمن ، وبمقتضى ما ظهر عليه من الضراعة والإقرار{[1928]} ظهر فيه{[1929]} مقتضى اسمه التواب ؛ فجمعت توبته الأمرين - انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.