فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَتَلَقَّىٰٓ ءَادَمُ مِن رَّبِّهِۦ كَلِمَٰتٖ فَتَابَ عَلَيۡهِۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ} (37)

{ كلمات } فيها التوبة والاستغفار { فتاب عليه } قبل توبته

{ فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم } ففهم آدم وأخذ وقبل من المولى سبحانه كلمات أشارت إليها الآية الكريمة : { قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين }{[235]} ؛ { فتاب عليهم } فقبل الله تعالى توبتهما وتاب تعني في اللغة : الرجوع كآب وتاب وأناب وفي الشرع تعني علما بضرر الذنب وندما على الوقوع فيه وعزما على تركه وعدم العود إلى عصيان ؛ - وكثيرا تطلق على الندم وحده لكونه لازما للعلم مستلزما للعمل وفي الحديث : ( الندم توبة )-{[236]} قال ابن العربي : ولعلمائنا في وصف الرب بأنه تواب في ثلاثة أقوال : أحدهما—أنه يجوز في حق الرب سبحانه وتعالى فيدعى به كما في الكتاب والسنة ولا يتأول وقال آخرون : هو وصف حقيقي لله سبحانه وتعالى وتوبة الله على العبد قبوله توبته ، { إنه هو التواب الرحيم } ذكرنا أن معنى التوبة من العبد إلى الله إنابته إلى طاعته وأوبته إلى ما يرضيه بتركه ما يسقط من الأمور التي كان عليها مقيما مما يكرهه ربه فكذلك توبة الله على عبده هو أن يرزقه ذلك ، ويؤوب من غضبه عليه إلى الرضا عنه ، ومن العقوبة إلى العفو والصفح عنه ؛ وأما قوله { الرحيم } فإنه المتفضل عليه مع التوبة بالرحمة ورحمته إياه إقامة عثرته وصفحه عن عقوبة جرمه .


[235]:سورة الأعراف الآية 23.
[236]:ما بين العارضتين من روح المعاني