النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ حُرُمَٰتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥ عِندَ رَبِّهِۦۗ وَأُحِلَّتۡ لَكُمُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ إِلَّا مَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡۖ فَٱجۡتَنِبُواْ ٱلرِّجۡسَ مِنَ ٱلۡأَوۡثَٰنِ وَٱجۡتَنِبُواْ قَوۡلَ ٱلزُّورِ} (30)

قوله عز وجل : { ذلِكَ وَمَن يَعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ } فيه قولان : أحدهما : أنه فعل ما أمر به من مناسكه ، قاله الكلبي .

والثاني : أنه اجتناب ما نهى عنه في إحرامه . ويحتمل عندي قولاً ثالثاً : أن يكون تعظيم حرماته أن يفعل الطاعة ويأمر بها ، وينتهي عن المعصية وينهى عنها .

{ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ } فيه قولان :

أحدهما : إلا ما يتلى عليكم من المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذُبحَ على النصب .

والثاني : إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم .

{ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ } فيه وجهان :

أحدهما : أي اجتنبوا من الأوثان الرجس ، ورجس الأوثان عبادتها ، فصار معناه : فاجتنبوا عبادة الأوثان .

الثاني : معناه : فاجتنبوا الأوثان فإنها من الرجس .

{ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ } فيه أربعة أقاويل :

أحدها : الشرك ، وهو قول يحيى بن سلام .

والثاني : الكذب ، وهو قول مجاهد .

والثالث : شهادة الزور . روى أيمن بن محمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قام خطيباً فقال : " أَيُّهَا النَّاسُ عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الشِّرْكَ بِاللَّهِ مَرَّتِينَ " ، ثم قرأ : { فَاجْتَنِبُوا الرّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ } .

والرابع : أنها عبادة المشركين ، حكاه النقاش .

ويحتمل عندي قولاً خامساً : أنه النفاق لأنه إسلام في الظاهر زور في الباطن .