النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٖ جَعَلۡنَا مَنسَكٗا لِّيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۗ فَإِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ فَلَهُۥٓ أَسۡلِمُواْۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُخۡبِتِينَ} (34)

قوله عز وجل : { وَلِكُلِّ أَمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : يعني حجاً ، وهو قول قتادة .

والثاني : ذبحاً ، وهو قول مجاهد .

والثالث : عيداً ، وهو قول الكلبي والفراء . والمنسك في كلام العرب هو الموضع المعتاد ، ومنه تسمية مناسك الحج ، لاعتياد مواضعها .

{ لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ . . . } فيها وجهان :

أحدهما : أنها الهدي ، إذا قيل إن المنسك الحج .

والثاني : الأضاحي ، إذا قيل إن المنسك العيد .

قوله عز وجل : { . . . وَبَشِّر الْمُخْبِتينَ } فيه تسعة تأويلات :

أحدها :المطمئنين إلى ذكر إلههم ، وهو قول مجاهد ، ومنه قوله تعالى :

{ فَتُخْبتْ لَهُ قُلُوبُهُم{[2021]} }

[ الحج :54 ] .

والثاني : معناه المتواضعين ، وهو قول قتادة .

والثالث : الخاشعين ، وهو قول الحسن . والفرق بين التواضع والخشوع أن التواضع في الأخلاق والخشوع في الأبدان .

والرابع : الخائفين ، وهو معنى قول يحيى بن سلام .

والخامس : المخلصين ، وهو قول إبراهيم النخعي .

والسادس : الرقيقة قلوبهم ، وهو قول الكلبي .

والسابع : أنهم المجتهدون في العبادة ، وهو قول الكلبي ومجاهد .

والثامن : أنهم الصالحون المطمئنون ، وهو مروي عن مجاهد أيضاً .

والتاسع : هم الذين لا يظلمون ، وإذا ظلموا لم ينتصروا{[2022]} ، وهو قول الخليل بن أحمد .


[2021]:الآية 54 من هذه السورة.
[2022]:هذا القول منسوب إلى عمرو بن أوس كما جاء في تفسير القرطبي.