فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٖ جَعَلۡنَا مَنسَكٗا لِّيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۗ فَإِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ فَلَهُۥٓ أَسۡلِمُواْۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُخۡبِتِينَ} (34)

{ ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام }

{ منسكا } ذبحا ، ومناسك موضع الذبح أو العبادة .

{ المخبتين } المطمئنين المتواضعين المجتهدين في العبادة .

فسره مجاهد بالذبح وإراقة الدماء على وجه التقرب إليه تعالى ، فجعله مصدرا وحمل المنسك على عبادة خاصة ، والنسك في الأصل بمعنى العبادة مطلقا ، وشاع في أعمال الحج . لكن قول المولى سبحانه : { ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام } يرجح ما ذهب إليه مجاهد في تفسير ما يراد بالمنسك ، ومعلوم أن الذكر إنما يكون ذكرا عند مواطأة القلب للسان ، فإن ذبحوا وسموا الله عند الذبح شاكرين لما أنعم به عليهم فقد تنسكوا ، واستمسكوا بمناسك الله التي شرعها ؛ { فإلهكم إله واحد فله أسلموا } فأخلصوا له تعالى الذكر خاصة ، واجعلوه لوجهه سالما خالصا لا تشوبوه بإشراك ؛ { فله أسلموا } معناه : لحقه ولوجهه وإنعامه آمنوا وأسلموا ، ويحتمل أن يريد الاستسلام ؛ أي له أطيعوا وانقادوا {[2248]} ؛ { وبشر المخبتين } أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبشر المتواضعين الخاشعين المتعبدين بجزيل الثواب .


[2248]:ما بين العارضتين من الجامع لأحكام القرآن.