بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٖ جَعَلۡنَا مَنسَكٗا لِّيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۗ فَإِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ فَلَهُۥٓ أَسۡلِمُواْۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُخۡبِتِينَ} (34)

ثم قال عز وجل : { وَلِكُلّ أُمَّةٍ } ، أي لكل أهل دين ؛ ويقال : لكل قوم من المؤمنين فيما خلا ، { جَعَلْنَا مَنسَكًا } ؛ يعني : ذبحاً لهراقة دمائهم ؛ ويقال : مذبحاً يذبحون فيه . قال الزجاج : معناه جعلنا لكل أمة أن تتقرب بأن تذبح الذبائح لله تعالى . قرأ حمزة والكسائي { مَنسَكًا } بكسر السين ، وقرأ الباقون بالنصب . فمن قرأ بالكسر ، يعني : مكان النسك ؛ ومن قرأ بالنصب ، فعلى المصدر ؛ وقال أبو عبيد : قراءتنا هي بالنصب لفخامتها .

ثم قال : { لّيَذْكُرُواْ اسم الله على مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ الانعام } ، يعني : يذكرون اسم الله تعالى عند الذبح . { فإلهكم إله واحد } ، أي ربكم رب واحد . { فَلَهُ أَسْلِمُواْ } ، يعني : أخلصوا بالتسمية عند الذبيحة وفي التلبية . { وَبَشّرِ المخبتين } ، يعني : المخلصين بالجنة ؛ ويقال : { المخبتين } المجتهدين في العبادة والسكون فيها . قال قتادة : المخبتون المتواضعون ؛ وقال الزجاج : أصله من الخبت من الأرض ، وهو المكان المنخفض من الأرض ؛ ويقال : المخبت الذي فيه الخصال التي ذكرها الله بعده ، وهو قوله : { الذين إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ والصابرين على مَا أَصَابَهُمْ }