الآية 34 : وقوله تعالى : { ولكل أمة جعلنا منسكا } قال بعضهم : المنسك الموضع الذي يعبدون ، وينسكون فيه ، ويصيرون إليه لعبادتهم . ومن ثمة يقال للرجل العابد : ناسك . ولذلك قال من قال : { منسكا } أي يصيرون ، ويخرجون إليه للعبادة ، وقال : المنسك الدين ، وقال : الشريعة . وقال بعضهم : المنسك المنحر والمذبح .
وجائز أن يسمى في اللغة الذبح نسكا كقوله : { ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } [ البقرة : 196 ] وهو الذبح ، وقوله : { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين } [ الأنعام : 162 ] ولو كان النسك عبادة كذكر الصلاة ، وهي عبادة ، لكان لا يذكر النسك . فدل أنه أراد بالنسك الذبح .
وقوله تعالى : { ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام } دل قوله : { ليذكروا اسم الله } أن ذكر اسم الله من شرط الذبيحة حين{[13050]} ذكر اسم الله ، ولم يذكر{[13051]} الذبح ، ففهموا من ذكر اسم الله الذبح أنه من شرط جوازه وحله سوى الشافعي فإنه لم يَفهم ما فهم الناس والأمم جميعا حين{[13052]} لم يجعل ذكر اسم الله من شرط الذبيحة .
وقوله تعالى : { فإلهكم إله واحد } كأنه ذكر قوله : { ولكل أمة جعلنا منسكا } لقوم أنكروا الذبائح ، فقال : { ولكل أمة جعلنا منسكا } أي ذبحا ذبحوه ، وذكروا اسم معبودهم .
[ وقوله تعالى : ] {[13053]} { فإلهكم إله واحد فله أسلموا } أي أخلصوا ذلك كله { وبشر المخبتين } قال [ بعضهم ] {[13054]} : المتواضعين ، وقال بعضهم : المطمئنين . وقال بعضهم : الخاشعين . وقال بعضهم : كل مجتهد في العبادة هو المُخْبِتُ ، ويقال : المخلصين . وتفسير المخبتين{[13055]} ما ذكر على إثره حين{[13056]} قال : { الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم } الآية . ومن قال : المخبتين{[13057]} المطمئنين قال : والخبتة الطمأنينة .
وقوله{[13058]} تعالى : { منسكا } ومنسكا لغتان{[13059]} . قال الكسائي : من قرأ منسكا بكسر السين فهو من نسك ينسك ، ومن قرأ منسكا بالنصب فهو من نسك ينسك{[13060]} .
ثم لا خلاف بين أهل العلم في أن البُدْنَ التي تساق والهدايا التي تقلد في الحج لا يجوز أن تنحر في غير الحرم ، إنما اختلفوا في المحصر إذا أراد أن ينحر ، ويذبح هديه الذي يحل به . وقد ذكرنا أقاويلهم واختلافهم في سورة البقرة{[13061]} ولم يختلف في أن معنى قول الله : { ثم محلها إلى البيت العتيق } يدخل فيه الحرم كله على ما ذكرنا وعلى [ ما روت ] {[13062]} الأخبار .
روي عن جابر بن عبد الله [ أنه ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عرفة ، كلها موقف ، وكل منى منحر ، وكل فجاج مكة طريق ومنحر ) [ مسلم 1218/149 ] .
وعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى الجمرة ، فرمى بها ، ثم أتى المنحر ، فقال : ( هذا المنحر ، ومنى كلها منحر ) [ مسلم : 1218/149 ] .
وعن ابن عباس رضي الله عنه [ أنه ]{[13063]} قال : إنما المنحر بمكة ، ولكنها نزهت عن الدماء ، ومنى بمكة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.