الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٖ جَعَلۡنَا مَنسَكٗا لِّيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۗ فَإِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ فَلَهُۥٓ أَسۡلِمُواْۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُخۡبِتِينَ} (34)

قوله تعالى ذكره : { ولكل أمة جعلنا منسكا }[ 32 ] إلى قوله : { لعلكم تشكرون }[ 34 ] .

أي : ولكل جماعة سلفت قبلكم من أهل الإيمان جعلنا ذبحا يهرقون دمه ليذكروا اسم الله [ على ما رزقهم ]{[46913]} عند ذبحهم إياه .

وقوله : { من بهيمة الأنعام }[ 32 ] .

فخص لأن من البهائم ما ليس من الأنعام ، كالخيل والبغال والحمير . وسميت بهائم لأنها لا تتكلم .

وقال مجاهد{[46914]} : منسكا : هو هراقة الدماء .

وقال ابن عباس{[46915]} : منسكا ، عبدا .

وقال عكرمة{[46916]} : مذبحا .

والمنسك بالكسر{[46917]} موضع الذبح ، كالمجلس موضع الجلوس لأن اسم المكان من فعل يفعل المفعل{[46918]} .

والمَنْسَك بالفتح{[46919]} : المصدر{[46920]} فيكون معنى قراءة من كسر ، ولكل أمة جعلنا موضع ذبح .

ومن قرأ بالفتح ، فتقديره : ولكل أمة جعلنا أن يتقربوا بذبح الذبائح .

وقيل : { منسكا } : متعبدا ، وهو ما يعبد الله به .

( والمنسك ) : العبادة والناسك : العابد .

وأصل المنسك أن يكون اسم المكان الذي يعبد الله فيه .

ثم قال تعالى : { فإلهكم إله واحد }[ 32 ] .

أي : فإلهكم إله واحد فلا تذكروا معبودا غيره{[46921]} على ذبائحكم .

وقيل : المعنى : فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور . /

{ وإلهكم إله واحد فله أسلموا } أي : اخضعوا بالطاعة .

{ وبشر المحسنين }[ 32 ] .

أي{[46922]} : الخاشعين المطمئنين إلى الله ، قاله مجاهد{[46923]} .

قال ابن عيينة{[46924]} : ( المخبتين ) : المطمئنين .

وقال قتادة{[46925]} : المتواضعين .

وقيل{[46926]} : المخبتون{[46927]} : الذين لا يظلمون الناس ، وإذا ظلموا لم ينتصروا .

والخبت في اللغة{[46928]} : المكان المطمئن المنخفض ، والزور : الباطل .

وقيل : إنه أريد به في هذا الموضع الكذب .

وقيل : المختبتين : المخلصين .


[46913]:زيادة من ز.
[46914]:انظر: جامع البيان 17/161 وتفسير القرطبي 12/58 والدر المنثور 4/360.
[46915]:انظر: تفسير ابن كثير 3/221.
[46916]:انظر: تفسير ابن كثير 3/221 والدر المنثور 4/360.
[46917]:ز: بالسين. (تحريف).
[46918]:ز: الفعل. (تحريف).
[46919]:قال في التيسير: 157: (حمزة والكسائي) منسكا في الموضعين (هنا وآية 65 من هذه السورة) بكسر السين والباقون بفتحها. وانظر: الكشف 2/119 والحجة لابن خالويه: 253.
[46920]:المصدر سقطت من ز.
[46921]:ز: سواه
[46922]:أي سقطت من ز.
[46923]:انظر: جامع البيان 17/161 وتفسير ابن كثير 3/221.
[46924]:انظر: جامع البيان 17/161 وتفسير القرطبي 12/58.
[46925]:انظر: جامع البيان 17/161 وتفسير ابن كثير 3/221.
[46926]:القول لعمرو بن أوس في جامع البيان 17/161 وابن كثير 3/221 والدر المنثور 4/360.
[46927]:ز: المخبثين.
[46928]:انظر: مفردات الراغب: 203.