قوله تعالى : { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً } الآية{[31148]} . قرأ الأخوان{[31149]} هذا وما بعده{[31150]}«منسِكاً » بالكسر . والباقون بالفتح{[31151]} .
فقيل : هما بمعنى واحد ، والمراد بالمنسك مكان النسك أو المصدر{[31152]} . وقيل : المكسور مكان{[31153]} ، والمفتوح مصدر{[31154]} .
قال ابن عطية : والكسر في هذا من الشاذ ولا يسوغ فيه القياس ، ويشبه أن يكون الكسائي سمعه من العرب {[31155]} . قال شهاب الدين : وهذا الكلام منه غير مرضي ، كيف يقول : ويشبه أن يكون الكسائي سمعه . والكسائي يقول : قرأت به . فكيف يحتاج إلى سماع مع تمسكه بأقوى السماعات ، وهو روايته لذلك قرأنا متواتراً . وقوله : من الشاذ : يعني قياساً لا استعمالاً فإنه فصيح في الاستعمال ، وذلك أن فعل يفعُل بضم العين في المضارع قياس الفعل منه أن يفتح عينه مطلقاً ، أي : سواء أريد به الزمان أم المكان أم المصدر{[31156]} ، وقد شذت ألفاظ ضبطها النحاة في كتبهم{[31157]} مذكورة في هذا الكتاب{[31158]} .
«وَلِكُلِّ أُمَّةٍ »{[31159]} ( أي : جماعة مؤمنة سلفت قبلكم من عهد إبراهيم عليه السلام «جَعَلْنَا مَنْسَكاً » ){[31160]} أي ضرباً من القربان ، وجعل العلة في ذلك أن يذكر اسمه عند ذبحها ونحرها فقال : { لِّيَذْكُرُواْ اسم الله على مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأنعام } أي : عند الذبح والنحر لأنها لا تتكلم{[31161]} . وقال : «بَهِيمة الأَنْعَام » قيد{[31162]} بالنعم ، لأن من البهائم ما ليس من الأنعام كالخيل والبغال والحمير لا يجوز ذبحها في القرابين{[31163]} ، وكانت العرب تسمي ما تذبحه للصَّنَم العتر والعتيرة{[31164]} كالذبح والذبيحة .
قوله : { فإلهكم إله وَاحِدٌ } في كيفية النظم{[31165]} وجهان :
الأول : أن الإله واحد ، وإنما اختلفت التكاليف باختلاف الأزمنة والأشخاص لاختلاف المصالح .
والثاني : { فإلهكم إله وَاحِدٌ } لا تذكروا على ذبائحكم غير اسمه . «فَلَهُ أَسْلِمُوا » انقادوا{[31166]} وأطيعوا ، فمن انقاد لله كان مخبتاً فلذلك قال بعده «وَبَشِّر المُخْبِتِينَ » {[31167]} .
قال ابن عباس وقتادة : المخبت المتواضع الخاشع{[31168]} وقال مُجاهد : المطمئن إلى الله . والخبت المكان المطمئن من الأرض . قال أبو مسلم : حقيقة المخبت من صار في خبت من الأرض تقول : أخبت الرجل إذا صار في الخبت كما يقال : أنجد وأَتْهَمَ وأشَأم {[31169]} .
وقال الكلبي : هم{[31170]} الرقيقة قلوبهم{[31171]} . وقال عمرو بن أوس{[31172]} : هم الذين لا يظلمون وإذا ظُلِموا لم ينتصروا{[31173]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.