البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٖ جَعَلۡنَا مَنسَكٗا لِّيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۗ فَإِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ فَلَهُۥٓ أَسۡلِمُواْۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُخۡبِتِينَ} (34)

والمنسك مفعل من نسك واحتمل أن يكون موضعاً للنسك ، أي مكان نسك ، واحتمل أن يكون مصدراً واحتمل أن يراد به مكان العبادة مطلقاً أو العبادة ، واحتمل أن يراد نسك خاص أو نسكاً خاصاً وهو موضع ذبح أو ذبح ، وحمله الزمخشري على الذبح ، يقال : شرع الله لكل أمة أن ينسكوا له أي يذبحوا لوجهه على وجه التقرب ، وجعل العلة في ذلك أن يذكر اسمه تقدست أسماؤه على المناسك انتهى .

وقياس بناء مفعل مما مضارعه يفعل يضم العين مفعل بفتحها في المصدر والزمان والمكان ، وبالفتح قرأ الجمهور .

وقرأ بكسرها الأخوان وابن سعدان وأبو حاتم عن أبي عمرو ويونس ومحبوب وعبد الوارث إلا القصبي عنه .

قال ابن عطية : والكسر في هذا من الشاذ ولا يسوغ فيه القياس ، ويشبه أن يكون الكسائي سمعه من العرب .

وقال الأزهري : منسك ومنسك لغتان .

وقال مجاهد : المنسك الذبح ، وإراقة الدماء يقال : نسك إذا ذبح ، والذبيحة نسيكة وجمعها نسك .

وقال الفرّاء : المنسك في كلام العرب المعتاد في خير وبر .

وقال ابن عرفة { منسكاً } أي مذهباً من طاعة الله ، يقال : نسك نسك قومه إذا سلك مذهبهم .

وقال الفراء { منسكاً } عيداً وقال قتادة : حجاً .

{ ليذكروا اسم الله } معناه أمرناهم عند ذبائحهم بذكر الله ، وأن يكون الذبح له لأنه رازق ذلك ، ثم خرج إلى الحاضرين فقال { فإلهكم إله واحد فله أسلموا } أي انقادوا ، وكما أن الإله واحد يجب أن يخلص له في الذبيحة ولا يشرك فيها لغيره ، وتقدم شرح الإخبات .

وقال عمرو بن أوس : المخبتون الذين لا يظلمون وإذا ظلموا لم ينتصروا .