الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٖ جَعَلۡنَا مَنسَكٗا لِّيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۗ فَإِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ فَلَهُۥٓ أَسۡلِمُواْۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُخۡبِتِينَ} (34)

قوله : { مَنسَكاً } : قرأ الأخَوان هذا وما بعده " مَنْسِكاً " بالكسر ، والباقون بالفتح . فقيل : هما بمعنىً واحد . والمرادُ بالمَنْسَك مكانُ النُّسُكِ أو المصدرُ . وقيل : المكسورُ مكانٌ ، والمفتوحُ مصدرٌ . قال ابنُ عطية : " والكسرُ في هذا من الشاذِّ ، ولا يَسُوغُ فيه القياس . ويُشْبِهُ أَنْ يكونَ الكسائيُّ سمعه من العرب " . قلت : وهذا الكلامُ منه غير مَرْضِيّ : كيف يقول : ويُشْبه أَنْ يكنَ الكسائيُ سَمِعه . الكسائي يقول : قرأتُ به فكيف يحتاج إلى سماعٍ مع تمسُّكِه بأقوى السَّماعات ، وهو روايتُه لذلك قرآناً متواتراً ؟ وقوله : " من الشاذِّ " يعني قياساً لا استعمالاً فإنه فصيحٌ في الاستعمال ؛ وذلك أنَّ فَعَل يَفْعُل بضم العين في المضارع قياسُ المَفْعَل منه : أن تُفتَحَ عينُه مطلقاً أي : سواءٌ أُريد به الزمانُ أم المكانُ أم المصدرُ . وقد شَذَّتْ ألفاظُ ضَبَطها النحاةُ في كتبهم وذكرتُها أيضاً في هذا الموضوعِ .