تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَلَا تُؤۡمِنُوٓاْ إِلَّا لِمَن تَبِعَ دِينَكُمۡ قُلۡ إِنَّ ٱلۡهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ أَن يُؤۡتَىٰٓ أَحَدٞ مِّثۡلَ مَآ أُوتِيتُمۡ أَوۡ يُحَآجُّوكُمۡ عِندَ رَبِّكُمۡۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ} (73)

73- { ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله ان يؤتي احد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم } .

المفردات :

أن يؤتي احد مثلما أوتيتم : أي كراهة ان يؤتى مثل ما أوتيتم .

او يحاجوكم عند ربكم : أي يحاجوكم به عند كتاب ربكم بالتحاكم إليه .

التفسير :

تواصي اليهود بألا يطيعوا المسلمين على شيء من أسرار كتابهم كالبشارة بنبينا محمد عليه الصلاة والسلام وأمارته { ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم } .

من معاني الإيمان في اللغة الثقة والطمأنينة .

والمعنى : ولا تثقوا إلا بأبناء ملتكم من اليهود ولا تطمئنوا إلا إليهم فلا تذيعوا أسرارنا للمسلمين فإن ذلك يفسد علينا تدبيرنا .

وقد انتهى كلام اليهود عند قولهم { ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم : كما رجحه الفراء .

{ قل إن الهدى هدى الله } أي قل يا محمد لهؤلاء المتآمرين توبيخا لهم ان الهدى هدى الله تعالى فلا يتوقف على إظهاركم ما عندكم من البشائر بنبوة محمد والعلامات الدالة عليه ولا يزيله كفرهم آخر النهار بعد إيمانكم أوله فمن أراد الله هداه أقنعه بما أيد به رسوله من الآيات البينات وأورثه الطمأنينة التامة في قلبه وحفظه من كيد الكائدين وكشف له دسائسهم ومؤامراتهم .

ثم أمر الله ورسوله أن يقول لليهود :

{ أن يؤتي أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم } .

وفي الكلام جملة مقدرة يقتضيها المقام والتقدير أتكيدون هذا الكيد كراهة ان يؤتى احد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم به عند ربكم ؟ .

وجاء في تفسير القاسمي :

أي بمد الألف على الاستفهام في قراءة ابن كثير وتقديرها في قراءة غيره أي دعاكم الحسد والبغي حتى قلتم ما قلتم ودبرتموه الآن { يؤتي أحد مثل ما أوتيتم } من الشرائع والعلم والكتاب .

أو كراهة ان { يحاجوكم } أي الذين أوتوا مثل ما أوتيتم عند ربكم أي بالشهادة عليكم يوم القيامة انهم آمنوا وكفرتم بعد البيان الواضح فيفضحكم . " اه .

{ قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم } .

أي قل لهم إن الرسالة فضل من الله ومنه والله واسع العطاء وهو العليم بالمستحق فيعطيه من هو له أهل وفي هذا إيماء إلى ان اليهود قد ضيقوا هذا الفضل الواسع بزعمهم حصر النبوة فيهم وجهلوا الحكم والمصالح التي من أجلها يعطي النبوة من يشاء .

ويرى بعض المفسرين ان الآية كلها يمكن أن تكون خطابا من الله للمؤمنين على جهة التثبيت لقلوبهم وتنوير بصائرهم وحفظهم من تشكيك اليهود وتزويرهم في دينهم .

والمعنى :

ولا تصدقوا يا معشر المؤمنين إلا من تبع دينكم اما غيره فاحذروهم ، قل لهم يا محمد إن الهدى هدى الله أنزله على محمد أما ما يقوله أعداء الإسلام فهو من تزويرهم فلا تصدقوا ان يؤتي أحد مثل ما أوتيتم من الهدى والحق ولا ان يحاجوكم بما لديهم من دينهم عند ربكم فلا قدرة لهم على ذلك قل إن الفضل بيد الله . . . إلخ .

وجاء في تفسير المنار وغيره تفسيرات أخرى للآية لا تخلوا من مآخذ .