إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَا تُؤۡمِنُوٓاْ إِلَّا لِمَن تَبِعَ دِينَكُمۡ قُلۡ إِنَّ ٱلۡهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ أَن يُؤۡتَىٰٓ أَحَدٞ مِّثۡلَ مَآ أُوتِيتُمۡ أَوۡ يُحَآجُّوكُمۡ عِندَ رَبِّكُمۡۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ} (73)

{ وَلاَ تُؤْمِنُواْ } أي لا تُقِرّوا بتصديقٍ قلبيِّ { إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ } أي لأهل دينِكم أو لا تُظهِروا إيمانَكم وجهَ النهار إلا لمن كان على دينكم من قبلُ ، فإن رجوعَهم أرجى وأهمُّ { قُلْ إِنَّ الهدى هُدَى الله } يهدي به من يشاءُ إلى الإيمان ويُثبِّته عليه { أَن يؤتى أَحَدٌ مثْلَ مَا أُوتِيتُمْ } متعلِّقٌ بمحذوفٍ أي دبّرتم ذلك وقلتم لأن يؤتى أحدٌ مثلَ ما أوتيتم ، أو بلا تؤمنوا أي ولا تظهِروا إيمانَكم بأن يؤتى أحدٌ مثلَ ما أوتيتم إلا لأشياعكم ولا تُفْشوه إلى المسلمين لئلا يزيدَ ثباتُهم ولا إلى المشركين لئلا يدعوهم إلى الإسلام ، وقولُه تعالى : { قُلْ إِنَّ الهدى هُدَى الله } اعتراضٌ مفيدٌ لكون كيدِهم غيرَ مُجدٍ لطائل أو خبر إن على هدى الله بدل من الهدى ، وقرئ أن يؤتى على الاستفهام التقريعي وهو مؤيدٌ للوجه الأولِ أي لأن يُؤتى أحدٌ الخ دبرتم ؟ وقرئ أن على أنها نافيةٌ فيكونُ من كلام الطائفةِ ، أي ولا تؤمنوا إلا لمن تبِعَ دينَكم وقولوا لهم : ما يؤتى أحدٌ مثلَ ما أوتيتم { أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِندَ رَبّكُمْ } عطفٌ على { أَن يؤتى } على الوجهين الأولين وعلى الثالث معناه حتى يحاجوكم عند ربِّكم فيدحَضوا حُجتَكم ، والواوُ ضميرُ { أَحَدٌ } لأنه في معنى الجمع إذ المرادُ به غيرُ أتباعِهم { قُلْ إِنَّ الفضل بِيَدِ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء والله واسع عَلِيمٌ } ردٌّ لهم وإبطالٌ لما زعموه بالحجة الباهرةِ .