تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذَا جَآءَتۡهُمۡ ءَايَةٞ قَالُواْ لَن نُّؤۡمِنَ حَتَّىٰ نُؤۡتَىٰ مِثۡلَ مَآ أُوتِيَ رُسُلُ ٱللَّهِۘ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ حَيۡثُ يَجۡعَلُ رِسَالَتَهُۥۗ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ أَجۡرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ ٱللَّهِ وَعَذَابٞ شَدِيدُۢ بِمَا كَانُواْ يَمۡكُرُونَ} (124)

الآية 124 وقوله تعالى : { وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله } بخبر عز وجل [ عن ]{[7734]} غاية سفههم وتعنتهم وأنهم عن علم يعاندون ، ويتكبرون على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم علموا أن ما ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم آية ، وأنه رسول حين{[7735]} { قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله } [ وعلموا أن الرسالة لا تجعل إلا في المعظم عند الله والمفضل لديه حين{[7736]} تمنوا أنهم لا يؤمنون حتى يؤتوا{[7737]} من الآيات مثل ما أوتي رسل الله ]{[7738]} .

ولو لم يكن [ ذلك ما تمنوا ]{[7739]} إيتاء ما أوتي{[7740]} الرسل ، [ وقد ]{[7741]} علموا أن هذا القرآن الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم آية وحجة ، وأنه من عند الله نزل حين{[7742]} قالوا : { لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } [ الزخرف : 31 ] وعلموا أيضا أن الرسالة لا تجعل إلا في عظماء من البشر وكبرائهم حين{[7743]} قالوا : { لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } لكنهم ظنوا أنها إنما تجعل في {[7744]} العظماء الذين هم عند الخلق عظماء ، فقال الله تعالى : { الله أعلم حيث يجعل رسالته } فتناقضت أقاويلهم وحجاجهم بما ذكرنا من إقرارهم بالرسل والآيات وتفضيلهم [ أنفسهم ]{[7745]} على غيرهم من البشر .

ثم قوله{[7746]} تعالى : { الله أعلم حيث يجعل رسالته } جملة جواب ما قالوا : { لولا نزل هذا القرآن على } [ الزخرف : 31 ] كذا ؛ أن يقال : إنكم عرفتم أن الله عالم قادر فهو { أعلم حيث يجعل رسالته } .

ثم اختلف في قوله تعالى : { الله أعلم حيث يجعل رسالته } قال بعضهم : جعل الرسالة في أوساط الناس أظهر للحجج وأبين من جعلها في أكابر الناس وعظمائهم في الدنياوية / 161-أ/ لأن الناس مجبولون على اتباع الأكابر والأعاظم ؛ فلو جعلت الرسالة فيهم لكانت الحجج لا تظهر لأنهم جبلوا على اتباعهم . وأما أوساط الناس في الدنياوية إذا جعلت فيهم الرسالة لظهرت الحجج والبراهين لأنهم لم يجبلوا على اتباع الأوساط من الناس ، فكان اتباعهم للحجج والبراهين .

وقال بعضهم : قوله تعالى : { الله أعلم حيث يجعل رسالته } أي لا يجعل الرسالة في من يضيع ، وليس بأهل لها ولا موضعها ؛ لأنه لو جعل لكان في ذلك تضييع الرسالة .

وقوله تعالى : { سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون } أخبر أن من تكبر على رسول الله ، وعانده ، يكون له عند الله صغار ومذلة وعذاب شديد بصنيعهم الذي صنعوا .


[7734]:- ساقطة من الأصل وم.
[7735]:- في الأصل وم: حيث.
[7736]:- في الأصل: حيث .
[7737]:- في الأصل: يؤتون.
[7738]:- ساقطة من م.
[7739]:- في الأصل وم: كذلك يتمنون.
[7740]:- في الأصل وم: أتوا.
[7741]:- في الأصل وم: و.
[7742]:- في الأصل وم: حيث
[7743]:- في الأصل وم: حيث.
[7744]:- أدرج قبلها في الأصل: إلا.
[7745]:- ساقطة من الأصل وم.
[7746]:- في الأصل وم: قال.