النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ لَا يَفۡتِنَنَّكُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ كَمَآ أَخۡرَجَ أَبَوَيۡكُم مِّنَ ٱلۡجَنَّةِ يَنزِعُ عَنۡهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوۡءَٰتِهِمَآۚ إِنَّهُۥ يَرَىٰكُمۡ هُوَ وَقَبِيلُهُۥ مِنۡ حَيۡثُ لَا تَرَوۡنَهُمۡۗ إِنَّا جَعَلۡنَا ٱلشَّيَٰطِينَ أَوۡلِيَآءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ} (27)

قوله عز وجل : { يَا بَنِي ءَادَمَ لاَ يَفتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِنَ الْجَنَّةِ } وهذا خطاب توجه إلى من كان من العرب يطوف بالبيت عرياناً ، فقيل لهم لا يفتننكم الشيطان بغروره كما فتن أبويكم من قبل حتى أخرجهما من الجنة . ليكون إِشعارهم{[1063]} بذلك أبلغ في الزجر من مجرد النهي .

{ ينزعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أن لباسهما كان أظفاراً تستر البدن فنزعت عنهما وتركت زينة وتبصرة{[1064]} ، قاله ابن عباس .

الثاني : أن لباسهما كان نوراً ، قاله وهب بن منبه .

والثالث : أن نزع عنهما لباسهما من تقوى الله وطاعته ، قاله مجاهد . { لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا } فيه قولان :

أحدهما :[ سوأة ] أجسادهما من العورة حين خرجا من لباسهما ، وهو مقتضى قول ابن عباس .

والثاني : سوأة معصيتهما حتى خرجا من تقوى الله وطاعته ، وهو معنى قول مجاهد .

{ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنَ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ } فيه وجهان :

أحدهما : قومه ، وهو قول الجمهور .

والثاني : جيلُهُ ، قاله السدي .

{ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ } يحتمل وجهين :

أحدهما : من حيث لا تبصرون أجسادهم .

والثاني : من حيث لا تعلمون مكرهم وفتنتهم{[1065]} .


[1063]:في ك: إشعاره.
[1064]:في ق: وتذكرة.
[1065]:من "ليرهما سوآتهما" إلى هنا سقط من ق.