قوله عز وجل : { يَا بَنِيَ ءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوُءَاتِكُمْ } نزلت هذه الآية في قوم{[1052]} من العرب كانوا يطوفون بالبيت عراة ويرون{[1053]} أن ذلك أبلغ في الطاعة وأعظم في القربة .
وفي دخول الشبهة عليهم في ذلك وجهان :
أحدهما : أن الثياب قد دنستها المعاصي فخرجوا عنها .
والثاني : تفاؤلاً بالتعري من الذنوب فقال الله تعالى :
{ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً } أي ما تلبسون من الثياب .
فإن قيل : فليس ذلك بمنزل{[1054]} من السماء .
أحدهما : أنه لما كان ينبت من المطر الذي نزل من السماء صار كالمنزل من السماء ، قاله الحسن .
والثاني : أن هذا من بركات الله{[1055]} ، والبركة تنسب إلى أنها تنزل من السماء ، كما قال تعالى{[1056]} :
{ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ }{[1057]}
ثم قال : { يُوَارِي سَوْآتِكُمْ } أي يستر عوراتكم ، وسميت العورة سوأة لأنه يسوء صاحبها انكشافها .
ثم قال : { وَرِيشاً } وهذه قراءة أهل الأمصار وكان الحسن يقرأ : { وَرِيَاشاً } وفيه أربعة تأويلات :
أحدهما : أنه المعاش ، قاله معبد الجهني .
والثاني : أنه اللباس والعيش والنعيم ، قاله ابن عباس .
والثالث : أنه الجمال والزينة ، قاله ابن زيد ، ومنه قول رؤبة :
إليك أشكو شدة المعيش *** وجهد أعوام نتفن ريشي
والرابع : أنه المال : قاله ابن الزبير ومجاهد ، قال الشاعر :{[1058]}
فريشي منكم وهواي معكم *** وإن كانت زيارتكم لماما
أحدهما : أن معناهما واحد وإن اختلف لفظهما .
والوجه الثاني : أن معناهما مختلف ، فالريش ما بطن ، والرياش ما ظهر .
ثم قال : { وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ } وفي لباس التقوى سبعة{[1059]} تأويلات :
أحدها : أنه الإيمان ، قاله قتادة والسدي .
الثاني : الحياة ، قاله معبد الجهني .
والثالث : أنه العمل الصالح ، قاله ابن عباس .
والرابع : أنه السمت الحسن ، قاله عثمان بن عفان .
والخامس : خشية الله ، قاله عروة بن الزبير .
السادس : ستر العورة للصلاة التي هي{[1060]} التقوى ، قاله ابن زيد . والسابع : لبس ما يُتَّقَى به الحر والبرد ، قاله ابن بحر{[1061]} .
وفي قوله : { ذَلِكَ خَيْرٌ } وجهان :
أحدهما : أنه راجع إلى لباس التقوى ومعنى الكلام أن لباس التقوى خير من الرياش واللباس{[1062]} ، قاله قتادة والسدي .
والثاني : أنه راجع إلى جميع ما تقدم من { قَدْ أَنزَلْنَا علَيكُمْ لِبَاساً يُوارِي سَوْءَاتِكُم وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوى } ثم قال : { ذَلِكَ } الذي ذكرته هو { خَيْرٌ } كله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.