الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ لَا يَفۡتِنَنَّكُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ كَمَآ أَخۡرَجَ أَبَوَيۡكُم مِّنَ ٱلۡجَنَّةِ يَنزِعُ عَنۡهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوۡءَٰتِهِمَآۚ إِنَّهُۥ يَرَىٰكُمۡ هُوَ وَقَبِيلُهُۥ مِنۡ حَيۡثُ لَا تَرَوۡنَهُمۡۗ إِنَّا جَعَلۡنَا ٱلشَّيَٰطِينَ أَوۡلِيَآءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ} (27)

{ يَابَنِي ءَادَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ } لا يعلّمنّكم ولا يستزلّنكم فتبدي برأيكم للناس في الطواف بطاعتكم . { كَمَآ أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَآ } { إِنَّهُ } يعني الشيطان { يَرَاكُمْ } يابني آدم { هُوَ وَقَبِيلُهُ } خيله وجنوده وهم الجن والشياطين .

قال ابن زيد : نسله { مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ } قال مجاهد : قال إبليس : جعل لنا أربعاً : نرى ولا يُرى ونخرج من تحت الثرى . ويعود شيخنا فتى .

قال مالك بن دينار : إن عدواً [ يراك ] ولا تراه لشديد [ المؤنة ] إلاّ مَنْ عصم الله .

وسمعت أبا القاسم [ الحبيبي ] قال : سمعت أبي قال : سمعت عليّ بن محمد الورّاق يقول : سمعت يحيى بن معاذ الرازي يقول : الشيطان قديم وأنت حديث والشيطان ليّن وأنت ناعم الناحية والشيطان يراك وأنت لا تراه والشيطان لا ينساك وأنت لا تزال تنساه ومن نفسك له عون وليس لك منه عون .

وقيل : صدر ابن آدم مسكن له ويجري من ابن آدم مجرى الدم ، وأنه لا يقاومه إلاّ بعون الله . ومنه يقول : ولا أراه من حيث يراني . وعندما أنساه لا ينساني فسيدي إن لم [ تغث ] يسبيني كما سبا آدم من جنانك .

قال ذو النون المصري : إن كان هو يراك من حيث لا تراه فإنّ الله يراه من حيث لا يرى الله فاستعن بالله عليه فإنّ كيد الشيطان كان ضعيفاً .

{ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ } أعواناً وقرناء { لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ * }