بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ لَا يَفۡتِنَنَّكُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ كَمَآ أَخۡرَجَ أَبَوَيۡكُم مِّنَ ٱلۡجَنَّةِ يَنزِعُ عَنۡهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوۡءَٰتِهِمَآۚ إِنَّهُۥ يَرَىٰكُمۡ هُوَ وَقَبِيلُهُۥ مِنۡ حَيۡثُ لَا تَرَوۡنَهُمۡۗ إِنَّا جَعَلۡنَا ٱلشَّيَٰطِينَ أَوۡلِيَآءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ} (27)

قوله عز وجل : { يَذَّكَّرُونَ يا بني آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشيطان } يقول : لا يضلّنّكم الشيطان عن طاعتي فيمنعكم من الجنة { كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مّنَ الجنة } حين تركا طاعتي وعصيا أمري { يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءتِهِمَا } يعني : لا يفتنّنكم الشيطان عن دينكم في أمر الثياب فينزعها عنكم ، فتبدو عوراتكم ، كما فعل بأبويكم ، نزع عنهما لباسهما وأظهر عورتهما . وقال بعض الحكماء : إنّ المعصية شؤم تضر بصاحبها فتجعله عرياناً كما فعلت بآدم { إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ } يعني : كونوا بالحذار منه ، فإنه { يراكم هو } أي إبليس وجنوده من الشياطين من حيث لا ترونهم .

يعني : كونوا على حذر لأنه يجري من بني آدم مجرى الدم وذكر أن إبليس لما لعن قال رب : إنّك باعث إلى بني آدم رسلاً وكتباً ، فما رسلي ؟ قال : الكهنة . قال : فما كتابي ؟ قال : الوشم . قال : فما قراءتي قال : الشعر قال : فما مسجدي ؟ قال : السوق . قال : فما مؤذني ؟ قال : المزامير . قال : فما بيتي ؟ قال : الحمام . قال : فما مصائدي ؟ قال النساء . قال : فما طعامي ؟ قال : كل ما لم يذكر اسم الله عليه . قال : فما شرابي ؟ قال : كل سكر .

قوله عز وجل : { إِنَّا جَعَلْنَا الشياطين أَوْلِيَاء } يعني : قرناء { لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة } أي لا يصدقون بالآخرة .