قوله عز وجل : { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ{[1182]} اللَّهَ قَتَلَهُمْ } يحتمل وجهين :
أحدهما : ولكن الله قتلهم بسوقهم إليكم حتى أمكنكم منهم .
والثاني : ولكن الله قتلهم بمعونته لكم حين ألقى في قلوبهم الرعب وفي قلوبكم النصر .
وفيه وجه ثالث قاله ابن بحر : ولكن الله قتلهم بالملائكة الذين أمدكم بهم .
وقيل لم تقتلوهم بقوتكم وسلاحكم ولكن الله قتلهم بخذلانهم وقبض أرماحهم{[1183]} .
{ وَمَا رَمَيْتَ إذَ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى } فيه أربعة أقاويل :
أحدها : ما حكاه ابن عباس ، وعرة والسدي : أن النبي صلى الله عليه وسلم قبض يوم بدر قبضة من تراب رماهم بها وقال : " شَاهَتِ الْوُجُوهُ " أي قبحت ومنه قول الحطيئة :
أرى لي وجهاً شوه الله خلقه *** فقُبح من وجهٍ وقبّح حامله .
فألقى الله تعالى القبضة في أبصارهم حتى شغلتهم بأنفسهم وأظفر الله المسلمين بهم ، فهو معنى قوله تعالى : { وَمَا رَمَيْتَ إذَ رَمَيْتَ وَلَكِنَ اللَّهَ رَمَى } . الثاني : معناه وما ظفرت إذ رميت ولكن الله أظفرك ، قاله أبو عبيدة .
الثالث : وما رميت قلوبهم بالرعب إذ رميت وجوههم بالتراب ولكن الله ملأ قلوبهم رعباً .
والقول الرابع : أنه أرد رمى أصحابه بالسهم فأصاب رميهم{[1184]} .
وقوله تعالى : { وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى } يعني بما أرسله من الريح المعينة لسهامهم حتى سددت وأصابت . والمراد بالرمي الإصابة لأن معنى الرمي محمول على الإصابة ، فإن لم يصب قيل رمى فأخطأ . وإذا قيل مطلقاً :
قد رمى ، لم يعقل منه إلا الإصابة . ألا ترى إلى قول امرئ القيس :
فاستغنى بذكر الرمي عن وصفه بالإصابة .
رمى فأخطأ والأقدار غالبةٌ *** فانصاع والويل هجيراه والحربُ
قوله عز وجل : { وَليُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاَءً حَسَناً } قال أصحاب الخواطر : البلاء الحسن ما يورثك الرضا به والصبر عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.