قال أكثر المفسرين : إن المؤمنين لما كسروا أهل مكة وقتلوا وأسروا أقبلوا على التفاخر وكان القائل يقول قتلت وأسرت فقيل لهم : فلم تقتلوهم . والفاء جواب شرط محذوف تقديره إن افتخرتم بقتلهم فأنتم لم تقتلوهم ولكن صلى الله عليه وسلم قتلهم لأنه هو الذي أنزل الملائكة وألقى الرعب في قلوبهم وشاء النصر والظفر وقوّى قلوبكم وربط عليها . ولما طلعت قريش قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هذه قريش قد جاءت بخيلائها وفخرها يكذبون رسولك اللهم إني أسألك ما وعدتني » فأتاه جبرائيل عليه السلام فقال : خذ قبضة من تراب فارمهم بها فقال : -لما التقى الجمعان - لعلي : أعطني قبضة من حصباء الوادي فأعطاه فرمى بها في وجوههم وقال : «شاهت الوجوه » فلم يبق مشرك إلا شغل بعينه فانهزموا فنزلت { وما رميت إذ رميت } أي وما رميت أنت يا محمد إذ رميت { ولكن الله رمى } أثبت الرمية للرسول الله صلى الله عليه وسلم لأن صورتها وجدت منه عليه السلام ونفاها عنه لأن أثرها فوق حد تأثير القوى البشرية . قال حكيم بن حزام : لما كان يوم بدر سمعنا صوتاً وقع من السماء إلى الأرض كأنه صوت حصاة وقعت في طست ، ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك الحصباء فانهزمنا ، وعن سعيد بن المسيب عن أبيه قال : أقبل أبي بن خلف يوم أحد إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريده فاعترض له رجال من المؤمنين فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلوا سبيله فاستقبله مصعب ابن عمير أخو بني عبد الدار ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ترقوه أبيّ من فرجة بين سابغة البيضة والدرع فطعنه بحربته فسقط أبي من فرسه ولم يخرج من طعنته دم وكسر ضلعاً من أضلاعه ، فأتاه أصحابه وهو يخور خوار الثور فقالوا له : ما أعجزك إنما هو خدش فقال : والذي نفسي بيده لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المجاز لما أتوا أجمعين فمات أبيّ إلى النار قبل أن يقدم مكة فأنزل الله في ذلك { وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى } وقيل : نزلت في خيبر حين دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوس فرمى منها بسهم فأقبل السهم يهوي حتى قتل كنانة بن أبي الحقيق وهو على فراشه . وأصح الأقوال هو الأوّل كيلا يدخل في أثناء القصة كلام أجنبي ، نعم لا يبعد أن يدخل تحته سائر الوقائع لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب . { وليبلى المؤمنين منه بلاء حسناً } وليعطهم عطاء جميلاً فعل ما فعل وما فعله إلا لذلك . قال القاضي : ولولا أن المفسرين أجمعوا على أن معنى البلاء هاهنا النعمة وإلا لكان يحتمل المحنة أي الذي فعله تعالى يوم بدر كان كالسبب في حصول تكليف شاق عليهم فيما بعد ذلك من الغزوات . { إن الله سميع } لكلامكم { عليم } بضمائركم . وهذا يجري مجرى التحذير والترهيب كيلا يغتر العبد بظواهر الأمور .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.