النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{إِن تَسۡتَفۡتِحُواْ فَقَدۡ جَآءَكُمُ ٱلۡفَتۡحُۖ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدۡ وَلَن تُغۡنِيَ عَنكُمۡ فِئَتُكُمۡ شَيۡـٔٗا وَلَوۡ كَثُرَتۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (19)

قوله عز وجل : { إِن تَسْتَفْتِحُواْ فقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ } فيه قولان :

أحدهما : إن تستنصروا الله ، فالفتح النصر ، فقد جاءكم فضل الله بنصرنا ، حكاه ابن الأنباري .

والثاني : معناه إن تستنصروا الله ، والفتح النصر ، فقد جاءكم نصر الله لنا عليكم ، وفي هذا الخطاب قولان .

أحدهما : أنه خطاب للمشركين لأنهم استنصروا يوم بدر بأن قالوا : اللهم أقطعنا للرحم وأظلمنا لصاحبه فانصره عليه ، فنصر الله تعالى نبيه والمسلمين عليهم .

ثم قال : { وَإن تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيرٌ لكُمْ } لأن الاستنصار كان عليهم لا لهم . { وَإن تَعُودُواْ نَعُدْ } فيه وجهان :

أحدهما : وإن تعودوا إلى مثل هذا التكذيب نعد إلى مثل هذا التصديق .

والثاني : وإن تعودوا إلى مثل هذا الاستفتاح نعد إلى مثل هذا النصر .

والقول الثاني : أنه خطاب للمؤمنين نصرهم الله تعالى يوم بدر حين استنصروه { وَإن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لكُمْ } يعني عما فعلتموه في الأسرى والغنيمة .

{ وإن تَعودوا نعد } فيه وجهان :

أحدهما : وإن تعودوا إلى الطمع نعد إلى المؤاخذة .

الثاني : وإن تعودوا إلى مثل ما كان منكم في الأسرى والغنيمة نعد إلى الإنكار عليكم .