وقوله تعالى : ( إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح ) الاستفتاح يحتمل وجوها ثلاثة : يحتمل الاستكشاف وطلب البيان ، ويكون طلب الحكم والقضاء بين الحق والباطل ؛ يقال : فتح بكذا أي حكم به ، وقضى فهو يخرج على وجهين : على طلب بيان المحق من المبطل وطلب بيان أحق الدينين بالنصر والحكم . فقد بين الله لهم أحق الدينين ما ذكر في القصة أن أبا جهل قال : اللهم اقض بيننا وبين محمد ، وقال : اللهم أينا كان أوصل للرحم وأرضى عنك فانصره . ففعل الله ذلك ، ونصر المؤمنين ، وهزم المشركين ، فنزلت هذه الآية .
وقيل : إنه دعا : اللهم انصر أعز الجندين وأكرم الفئتين وخير القبيلتين فكان ما ذكرنا . فقد بين الله عز وجل أحق الدينين وأعز الجندين لما هزم المشركين مع قوتهم وعدتهم وكثرة عددهم بفئة ضعيفة ذليلة قليلة العدد وضعيفة الأبدان والأسباب .
دل أنه قد بين لهم الأحق من غيره .
وقيل : إنهم استفتحوا بالعذاب ، وكان استفتاحهم ما ( قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم )[ الأنفال : 32 ] فجاءهم العذاب يوم بدر ، وأخبرهم يوم أحد ( وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ) الآية . والاستفتاح هو ما ذكرنا .
قال الحسن : الفتح القضاء . وكذلك قال قتادة ؛ قالا[ في الأصل وم : قالوا ] : ( إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح ) القضاء في يوم بدر كقوله : ( ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق ) الآية[ الأعراف : 89 ] وقال /197-ب/ القتيبي : قوله تعالى ( إن تستفتحوا ) فاسألوا الفتح ، وهو النصر ( فقد جاءكم الفتح ) وهو ما ذكرنا .
وقوله تعالى : ( وإن تنتهوا فهو خير لكم ) يحتمل قوله : ( وإن تنتهوا ) عما كنتم ( فهو خير لكم ) يغفر لكم كقوله ( وإن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف )[ الأنفال : 38 ] وقيل : ( وإن تنتهوا ) عن قتال محمد ( فهو خير لكم ) من أن ينتهي محمد من قتالكم .
وقوله تعالى : ( وإن تعودوا نعد ) يحتمل ( وإن تعودوا ) إلى قتال محمد نعد إليكم من القتل والقتال والأسر والقهر . ويحتمل ( وإن تعودوا نعد ) إلى البيان والكشف إلى ما كنتم من قبل البيان من التكذيب والكفر لمحمد ، نعد إلى الانتقام والتعذيب كقوله ( ون يعودوا فقد مضت سنة الأولين )[ الأنفال : 38 ] .
وقوله تعالى : ( ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين ) بالنصر والمعونة . فإن قيل : ذكر أنه لن تغني عنكم فئتكم وكثرتكم ، وقد أغناهم كثرتهم وفئتهم يوم أحد حين[ في الأصل وم : حيث ] ذكر أن الهزيمة كانت على المؤمنين ، قيل : هذا لوجهين :
أحدهما : أن عاقبة الأمر كانت للمؤمنين ، وإن كانت[ في الأصل وم : كان ] في الابتداء عليهم فلن يغني عنهم ذلك على ما ذكر ، لأنه لو أغناهم ذلك لكان لهم الابتداء والعاقبة .
والثاني : أنه لم تكن النكبة والهزيمة على المؤمنين إلا لعصيان منهم كقوله : ( ولقد صدقكم الله وعده ) الآية[ آل عمران : 152 ] فما أصاب المؤمنين من النكبات إنما كان بسبب كان منهم لا بالعدو . لذلك كان الجواب ما ذكر[ في الأصل وم : ذكروا ] والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.