تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{اهدنا الصراط المستقيم} يعني دين الإسلام، لأن غير دين الإسلام ليس بمستقيم.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
معنى قوله:"اهْدِنا الصّرَاطَ المُسْتَقِيم" في هذا الموضع عندنا: وَفّقنا للثبات عليه، كما رُوي ذلك عن ابن عباس... قال: قال جبريل لمحمد: «قل يا محمد اهدنا الصراط المستقيم»، يقول: ألهمنا الطريق الهادي.
وإلهامه إياه ذلك هو توفيقه له كالذي قلنا في تأويله، ومعناه نظير معنى قوله: "إيّاكَ نَسْتَعِينُ "في أنه مسألة العبد ربه التوفيق للثبات على العمل بطاعته، وإصابة الحقّ والصواب فيما أمره به، ونهاه عنه فيما يستقبل من عمره دون ما قد مضى من أعماله، وتقضى فيما سلف من عمره، كما في قوله: "إِيّاكَ نَسْتَعِينُ" مسألة منه ربَّه المعونةَ على أداء ما قد كلفه من طاعته فيما بقي من عمره، فكان معنى الكلام: اللهم إياك نعبد وحدك لا شريك لك، مخلصين لك العبادة دون ما سواك من الآلهة والأوثان، فأعنا على عبادتك، ووفقنا لما وفقت له من أنعمت عليه من أنبيائك وأهل طاعتك من السبيل والمنهاج...
والعرب تقول: هديت فلانا الطريق، وهديته للطريق، وهديته إلى الطريق، إذا أرشدته إليه وسددته له. وبكل ذلك جاء القرآن؛ قال الله جل ثناؤه: "وقالُوا الحَمْدُ لِلّهِ الّذِي هَدَانَا لَهَذَا" وقال في موضع آخر: "اجْتبَاهُ وَهَدَاهُ إلى صِرَاطٍ مسْتَقِيمٍ" وقال: "اهْدِنا الصّرَاطَ المُسْتَقِيمَ"، وكل ذلك فاشٍ في منطقها موجود في كلامها...
أجمعت الأمة من أهل التأويل جميعا على أن الصراط المستقيم هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه. وكذلك ذلك في لغة جميع العرب... ثم تستعير العرب الصراط، فتستعمله في كل قول وعمل وصف باستقامة أو اعوجاج، فتصف المستقيم باستقامته، والمعوجّ باعوجاجه.
والذي هو أولى بتأويل هذه الآية عندي، أعني: "اهْدِنا الصّرَاطَ المُسْتَقِيمَ" أن يكون معنيا به: وَفّقنا للثبات على ما ارتضيته ووفقتَ له من أنعمتَ عليه من عبادك من قول وعمل. وذلك هو الصراط المستقيم، لأن من وفق لما وفق له من أنعم الله عليه من النبيين والصديقين والشهداء، فقد وفق للإسلام، وتصديق الرسل، والتمسك بالكتاب، والعمل بما أمر الله به، والانزجار عما زجره عنه، واتباع منهج النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهاج أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ، وكل عبد لله صالح. وكل ذلك من الصراط المستقيم.
وقد اختلفت تراجمة القرآن في المعنيّ بالصراط المستقيم. يشمل معاني جميعهم في ذلك ما اخترنا من التأويل فيه، ومما قالته في ذلك، ما رُوي عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال وذَكَرَ القُرآنَ فَقَال: «هُوَ الصّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ».
[و] عن جابر بن عبد الله، "اهدنا الصراط المستقيم"، قال: الإسلام، قال: هو أوسع مما بين السماء والأرض.
[و] عن عبد الله بن عباس، قال: قال جبريل لمحمد: قل يا محمد: اهدنا الصراط المستقيم، يقول ألهمنا الطريق الهادي وهو دين الله الذي لا عوج له.
[و] عن عاصم، عن أبي العالية في قوله: "اهْدِنَا الصّرَاطَ المُسْتَقِيمَ" قال: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه من بعده: أبو بكر وعمر. قال: فذكرت ذلك للحسن، فقال: صدق أبو العالية ونصح...
وإنما وصفه الله بالاستقامة، لأنه صواب لا خطأ فيه.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
قال ابن عباس رضي الله عنه:"اهدنا": أرشدنا، والإرشاد والهداية واحد. بل الهداية في حق التوفيق أقرب إلى فهم الخلق من الإرشاد بما هي أعم في تعارفهم.
ثم القول بالهداية يخرج على وجوه ثلاثة: [...منها]:
التوفيق والعصمة عن زيغه، وذلك معنى قولهم: اللهم اهدنا في من هديت.
وقوله تعالى: "اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم "وصفهم إلى آخر السورة.
ثم تأويل طلب الهداية ممن قد هداه الله تعالى يتوجه وجهين:
أحدهما: طلب الثبات على ما هداه الله تعالى. وعلى هذا معنى زيادات الإيمان، وأنها بمعنى الثبات عليه...
والثاني: أنه في كل حال يخاف على المرء فَقْدُ الهدى... وعلى ذلك قوله تعالى: "يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا بالله "[النساء: 136] ونحو ذلك من الآيات.
وقد يحتمل أيضا معنى الزيادة هذا النوع... وأما "الصراط" فهو الطريق والسبيل في جميع التأويل... وقوله تعالى: "المستقيم" قيل: هو القائم بمعنى الثابت بالبراهين والأدلة، لا يزيله شيء، ولا ينقض حججه كيد الكائدين ولا حيل المريبين. وقيل: "المستقيم" الذي يستقيم بمن تمسك به حتى ينجيه ويدخله الجنة.
وقيل: "المستقيم" بمعنى يستقام به كقوله: "والنهار مبصرا" [يونس: 67] أي يبصر به، يدل عليه قوله: "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا" الآية، فالمستقيم هو المتبع له.
آراء ابن حزم الظاهري في التفسير 456 هـ :
الهدى الذي أعطاه الله تعالى جميع الناس، هو غير الهدى الذي أعطاه بعضهم ومنعه بعضهم فلم يعطهم إياه.
والهدى في اللغة العربية من الأسماء المشتركة التي يقع الاسم منها على مسمين مختلفين بنوعهما فصاعدا، فالهدى يكون بمعنى الدلالة: تقول: فلان هاد للطريق؛ أي هو دليل فيه، فهذا هو الهدى الذي هدى الله تعالى ثمود وجميع الجن والملائكة، وجميع الإنس كافرهم ومؤمنهم، لأنه تعالى دلهم على الطاعات والمعاصي وعرفهم ما يسخط مما يرضي.
ويكون الهدى بمعنى التوفيق والعون على الخير، والتيسير له، وخلقه لقبول الخير في النفوس، فهذا هو الذي أعطاه الله عز وجل الملائكة كلهم، والمهتدين من الإنس والجن، ومنعه الكفار والفاسقين فيما فسقوا به...
إن الله تعالى قال لرسوله صلى الله عليه وسلم: {ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء}، وقال تعالى: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم}. فصح يقينا أن الهدى الواجب على النبي صلى الله عليه وسلم هو الدلالة وتعليم الدين، وهو غير الهدى الذي ليس هو عليه، وإنما هو لله تعالى وحده.
جهود الإمام الغزالي في التفسير 505 هـ :
أول دعاء علمه رب العالمين عباده المسلمين الذين اصطفاهم الله من بين خلقه هذا الدعاء قوله: {اهدنا الصراط المستقيم} أي ثبتنا عليه وأدمه لنا. [منهاج العابدين: 336].
{اهدنا الصراط المستقيم} سؤال ودعاء، وهو مخ العبادة... وهو تنبيه على حاجة الإنسان إلى التضرع والابتهال إلى الله تعالى. وهو روح العبودية، وتنبيه على أن أهم حاجة الهداية إلى الصراط المستقيم، إذ به السلوك إلى الله تعالى كما سبق ذكره. [جواهر القرآن ودرره: 54].
قال عليه السلام: (شيبتني هود وأخواتها) وأراد به قوله تعالى: {فاستقم كما أمرت}، فإن الامتداد على الصراط المستقيم في طلب الوسط بين هذه الأطراف شديد، وهو أدق من الشعر وأحد من السيف كما وصف من حال الصراط في الدار الآخرة، بل يكون في الآخرة مستقيما، إذ يموت المرء على ما عاش عليه، ويحشر على ما مات عليه، ولذلك يجب في كل ركعة من الصلاة سورة الفاتحة المشتملة على قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} فإنه أعز الأمور وأعصاها على الطالب، ولو كلف ذلك في خلق واحد لطال العناء فيه، فكيف وقد كلفنا ذلك في جميع الأخلاق مع خروجها عن الحصر... ولا مخلص من هذه المخاطرات إلا بتوفيق الله ورحمته. [معارج القدس: 88 وميزان العمل: 268].
الصراط المستقيم عبارة عن الوسط الحقيقي بين الأخلاق المتضادة، لذلك قد بين الله بهذا الدعاء في سورة الفاتحة، حيث قال: {اهدنا الصراط المستقيم}، مثال ذلك: السخاوة بين التبذير والبخل، والشجاعة بين التهور والجبن، والاقتصاد بين الإسراف والإقتار، والتواضع بين التكبر والدناءة، والعفة بين الشهوة والخمود. فهذه الأخلاق لها طرف إفراط وطرف تقصير، فهو على غاية البعد من كل طرف...
لأجل الاستقامة، وجب على كل عبد أن يدعو الله تعالى في كل يوم سبع عشرة مرة في قوله: {اهدنا الصراط المستقيم} إذ وجب قراءة الفاتحة في كل ركعة.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
معنى طلب الهداية وهم مهتدون، طلب زيادة الهدى بمنح الألطاف، كقوله تعالى: {والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى} [محمد: 17]، {والذين جاهدوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69]. وعن علي وأبيّ رضي الله عنهما: اهدنا ثبتنا.
«السراط»: الجادّة، من سرط الشيء إذا ابتلعه، لأنه يسترط السابلة إذا سلكوه... والمراد طريق الحق، وهو ملة الإسلام...
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
قوله تعالى: {اهدنا} رغبة لأنها من المربوب إلى الرب، وهكذا صيغة الأمر كلها، فإذا كانت من الأعلى فهي أمر. والهداية في اللغة الإرشاد، لكنها تتصرف على وجوه يعبر عنها المفسرون بغير لفظ الإرشاد، وكلها إذا تؤملت رجعت إلى الإرشاد... وقد جاء الهدى بمعنى الدعاء، من ذلك قوله تعالى: {ولكل قوم هاد} [الرعد: 7] أي داع، وقوله تعالى: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} [الشورى: 52] وهذا أيضاً يبين فيه الإرشاد، لأنه ابتداء إرشاد، أجاب المدعو أو لم يجب. وقد جاء بمعنى الإلهام، من ذلك قوله تعالى: {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} [طه: 5].
قال المفسرون: معناه ألهم الحيوانات كلها إلى منافعها.
وهذا أيضاً بَيِّنٌ فيه معنى الإرشاد. وقد جاء الهدى بمعنى البيان، من ذلك قوله تعالى: {وأما ثمود فهديناهم} (71) [فصلت: 17].
قال المفسرون: معناه بينا لهم. قال أبو المعالي: معناه دعوناهم، ومن ذلك قوله تعالى: {إن علينا للهدى} [الليل: 12] أي علينا أن نبين، وفي هذا كله معنى الإرشاد...
واختلف المفسرون في المعنى الذي استعير له {الصراط} في هذا الموضع وما المراد به، فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: « {الصراط المستقيم} هنا القرآن» وقال جابر: «هو الإسلام يعني الحنيفية... ويجتمع من هذه الأقوال كلها أن الدعوة إنما هي في أن يكون الداعي على سنن المنعم عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين في معتقداته، وفي التزامه لأحكام شرعه، وذلك هو مقتضى القرآن والإسلام، وهو حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه. وهذا الدعاء إنما أمر به المؤمنون وعندهم المعتقدات وعند كل واحد بعض الأعمال.
فمعنى قولهم {اهدنا} فيما هو حاصل عندهم طلب التثبيت والدوام، وفيما ليس بحاصل إما من جهة الجهل به أو التقصير في المحافظة عليه طلب الإرشاد إليه.
وأقول إن كل داع فإنما يريد {الصراط} بكماله في أقواله وأفعاله ومعتقداته، فيحسن على هذا أن يدعو في الصراط على الكمال من عنده بعضه...
و {المستقيم} الذي لا عوج فيه ولا انحراف، والمراد أنه استقام على الحق وإلى غاية الفلاح، ودخول الجنة.
أما قوله جل جلاله: {اهدنا الصراط المستقيم} فاعلم أنه عبارة عن طلب الهداية.
أحدهما طلب المعرفة بالدليل والحجة. والثاني: بتصفية الباطن والرياضة.
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :
وهداية الله تعالى تتنوع أنواعا لا يحصيها عد كما قال تعالى: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} ولكنها تنحصر في أجناس مترتبة:
الأول: إفاضة القوى التي بها يتمكن المرء من الاهتداء إلى مصالحه كالقوة العقلية والحواس الباطنة والمشاعر الظاهرة.
الثاني: نصب الدلائل الفارقة بين الحق والباطل والصلاح والفساد، وإليه أشار حيث قال {وهديناه النجدين} وقال: {وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى}.
الثالث: الهداية بإرسال الرسل وإنزال الكتب، وإياها عنى بقوله: {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا} وقوله {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم}.
الرابع: أن يكشف على قلوبهم السرائر ويريهم الأشياء كما هي بالوحي، أو الإلهام والمنامات الصادقة، وهذا قسم يختص بنيله الأنبياء والأولياء، وإياه عنى بقوله {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} وقوله: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}. فالمطلوب إما زيادة ما منحوه من الهدى، أو الثبات عليه، أو حصول المراتب المرتبة عليه.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{اهدنا الصراط المستقيم} تلقيناً لأهل لطفه، وتنبيهاً على محل السلوك الذي لا وصول بدونه. والهدى؛ قال الحرالي: مرجع الضال إلى ما ضل عنه. والصراط الطريق الخطر السلوك، والآية من كلام الله تعالى على لسان العلية من خلقه، وجاء مكملاً بكلمة "ال "لأنه الصراط الذي لا يضل بمهتديه لإحاطته ولشمول سريانه وفقاً لشمول معنى الحمد في الوجود كله، وهو الذي تشتتت الآراء وتفرقت الفرق بالميل إلى واحد من جانبيه، وهو الذي ينصب مثاله، وعلى حذو معناه بين ظهراني جهنم يوم الجزاء للعيان، وتحفه مثل تلك الآراء خطاطيف وكلاليب، تجري أحوال الناس معها في المعاد على حسب مجراهم مع حقائقها التي–ابتداء- في يوم العمل.
محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :
... قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في تحقيق هذه الآية: كل عبد مضطر دائما إلى مقصود هذا الدعاء وهو هداية الصراط المستقيم. فإنه لا نجاة من العذاب إلا بهذه الهداية، ولا وصول إلى السعادة إلا به، فمن فاته هذا الهدى فهو: إما من المغضوب عليهم، وإما من الضالين؛ وهذا الاهتداء لا يحصل إلا بهدي الله {من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا}. فإن الصراط المستقيم: أن تفعل في كل وقت ما أمرت به في ذلك الوقت من علم وعمل، ولا تفعل ما نهيت عنه. وهذا يحتاج في كل وقت إلى أن تعلم: ما أَمَر به في ذلك الوقت، وما نَهَى عنه، وإلى أن يحصل لك إرادة جازمة لفعل المأمور؛ وكراهة لترك المحظور. والصراط المستقيم قد فسر بالقرآن والإسلام وطريق العبودية، وكل هذا حق، فهو موصوف بهذا وبغيره، فحاجته إلى هذه الهداية ضرورية في سعادته ونجاته؛ بخلاف الحاجة إلى الرزق والنصر، فإن الله يرزقه، وإن انقطع رزقه مات، والموت لابد منه، فإن كان من أهل الهداية، كان سعيدا بعد الموت، وكان الموت موصلا له إلى السعادة الدائمة الأبدية، فيكون رحمة في حقه. وكذلك النصر إذا قدّر أنه قُهر وغُلب حتى قتل فإذا كان من أهل الهداية إلى الاستقامة مات شهيدا، وكان القتل من تمام نعمة الله عليه. فتبين أن حاجة العباد إلى الهدى أعظم من حاجتهم إلى الرزق والنصر، بل لا نسبة بينهما، فلهذا كان هذا الدعاء مفروضا عليهم في الصلوات فرضِها ونفلِها وأيضا فإن هذا الدعاء يتضمن الرزق والنصر: لأنه إذا هدي الصراط المستقيم كان من المتقين {ومن يتّق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب} وكان من المتوكلين {ومن يتوكل على الله فهو حسبه، إن الله بالغ أمره}، وكان ممن ينصر الله ورسوله، ومن ينصر الله ينصره وكان من جند الله، وجند الله هم الغالبون. فالهدى التام يتضمن حصول أعظم ما يحصل به الرزق والنصر. فتبين أن هذا الدعاء هو الجامع لكل مطلوب تحصل به كل منفعة، وتندفع به كل مضرة...
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
منح الله تعالى الإنسان أربع هدايات يتوصل بها إلى سعادته:
أولاها: هداية الوجدان الطبيعي والإلهام الفطري، وتكون للأطفال منذ ولادتهم، فإن الطفل بعد ما يولد يشعر بألم الحاجة إلى الغذاء، فيصرخ طالبا له بفطرته، وعندما يصل الثدي إلى فيه يلهم التقامه وامتصاصه.
الثانية: هداية الحواس والمشاعر، وهي متممة للهداية الأولى في الحياة الحيوانية، ويشارك الإنسان فيهما الحيوان الأعجم، بل هو فيهما أكمل من الإنسان، فإن حواس الحيوان وإلهامه يكملان له بعد ولادته بقليل، بخلاف الإنسان، فإن ذلك يكمل فيه بالتدريج في زمن غير قصير، ألا تراه عقب الولادة لا تظهر عليه علامات إدراك الأصوات والمرئيات، ثم بعد مدة يبصر ولكنه لقصر نظره يجهل تحديد المسافات، فيحسب البعيد قريبا فيمد يديه ليتناوله وإن كان قمر السماء، ولا يزال يغلط حسه حتى في طور الكمال.
الهداية الثالثة: العقل، خلق الله الإنسان ليعيش مجتمعا ولم يعط من الإلهام والوجدان ما يكفي مع الحس الظاهر لهذه الحياة الاجتماعية كما أعطى النحل والنمل، فإن الله قد منحها من الإلهام ما يكفيها لأن تعيش مجتمعة يؤدي كل واحد منها وظيفة العمل لجميعها، ويؤدي الجميع وظيفة العمل للواحد، وبذلك قامت حياة أنواعها كما هو مشاهد. أما الإنسان فلم يكن من خاصة نوعه أن يتوفر له مثل ذلك الإلهام، فحباه الله هداية هي أعلى من هداية الحس والإلهام، وهي العقل الذي يصحح غلط الحواس والمشاعر ويبين أسبابه، وذلك أن البصر يرى الكبير على البعد صغيرا، ويرى العود المستقيم في الماء معوجا، والصفراوي يذوق الحلو مرا. والعقل هو الذي يحكم بفساد مثل هذا الإدراك.
الهداية الرابعة: الدين، يغلط العقل في إدراكه كما تغلط الحواس، وقد يهمل الإنسان استخدام حواسه وعقله فيما فيه سعادته الشخصية والنوعية ويسلك بهذه الهدايات مسالك الضلال، فيجعلها مسخرة لشهواته ولذاته حتى تورده موارد الهلكة.
فإذا وقعت المشاعر في مزالق الزلل، واسترقت الحظوظ والأهواء العقل فصار يستنبط لها ضروب الحيل، فكيف يتسنى للإنسان مع ذلك أن يعيش سعيدا؟ وهذه الحظوظ والأهواء ليس لها حد يقف الإنسان عنده، وما هو بعائش وحده، وكثيرا ما تتطاول به إلى ما في يد غيره، فهي لهذا تقتضي أن يعدو بعض أفراده على بعض، فيتنازعون ويتدافعون، ويتجادلون، ويتواثبون ويتناهبون حتى يفني بعضهم بعضا، ولا تغني عنهم تلك الهدايات شيئا؟ فاحتاجوا إلى هداية ترشدهم في ظلمات أهوائهم، إذا هي غلبت على عقولهم، وتبين لهم حدود أعمالهم ليقفوا عندها، ويكفوا أيديهم عما وراءها. ثم إن مما أودع في غرائز الإنسان الشعور بسلطة غيبية متسلطة على الأكوان ينسب إليها كل ما لا يعرف له سببا، لأنها هي الواهبة كل موجود ما به قوام وجوده، وبأن له حياة وراء هذه الحياة المحدودة، فهل يستطيع أن يصل بتلك الهدايات الثلاث إلى تحديد ما يجب عليه لصاحب تلك السلطة الذي خلقه وسواه، ووهبه هذه الهدايات وغيرها، وما فيه سعادته في تلك الحياة الثانية، كلا إنه في أشد الحاجة إلى هذه الهداية الرابعة – الدين – وقد منحه الله تعالى إياها. أشار القرآن إلى أنواع الهداية التي وهبها الله تعالى للإنسان في آيات كثيرة منها قوله تعالى {وهديناه النجدين} أي طريقي السعادة والشقاوة والخير والشر.
قال الأستاذ الإمام: وهذه تشمل هداية الحواس الظاهرة والباطنة وهداية العقل وهداية الدين. ومنها قوله تعالى: {وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى} أي دللناهم على طريقي الخير والشر، فسلكوا سبل الشر المعبر عنه بالعمى. وذكر غير هاتين الآيتين مما في معناهما، ثم قال: بقي معنا هداية أخرى وهي المعبر عنها بقوله تعالى {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} فليس المراد من هذه الهداية ما سبق ذكره، فالهداية في الآيات السابقة بمعنى الدلالة، وهي بمنزلة إيقاف الإنسان على رأس الطريقين المهلك والمنجي، مع بيان ما يؤدى إليه كل منهما، وهي مما تفضل الله به على جميع أفراد البشر. وأما هذه الهداية فهي أخص من تلك والمراد بها إعانتهم وتوفيقهم للسير في طريق الخير والنجاة مع الدلالة، وهي لم تكن ممنوحة لكل أحد كالحواس والعقل وشرع الدين، ولما كان الإنسان عرضة للخطأ والضلال في فهم الدين وفي استعمال الحواس والعقل على ما قدمنا، كان محتاجا إلى المعونة الخاصة فأمر الله بطلبها منه في قوله {اهدنا الصراط المستقيم} فمعنى {اهدنا الصراط المستقيم} دلنا دلالة تصحبها معونة غيبية من لدنك تحفظنا بها من الضلال والخطأ. وما كان هذا أول دعاء علمنا الله تعالى إياه، إلا لأن حاجتنا إليه أشد من حاجتنا إلى كل شيء سواه...
ثم بين معنى الصراط وهو الطريق...
ومعنى المستقيم وهو ضد المعوج، وقال: ليس المراد بمقابل المستقيم المعوج ذا التمعج والتعاريج، بل المراد كل ما فيه انحراف عن الغاية التي يجب أن ينتهي سالكه إليها. والمستقيم في عرف الهندسة أقرب موصل بين طرفين، وهذا المعنى لازم للمعنى اللغوي كما هو ظاهر بالبداهة. وإنما قلنا إن المراد بمقابل المستقيم كل ما فيه انحراف لأن كل من يميل وينحرف عن الجادة يكون أضل عن الغاية ممن يسير عليها في خط ذي تعاريج، لأن هذا الأخير قد يصل إلى الغاية بعد زمن طويل. ولكن الأول لا يصل إليها أبدا. بل يزداد عنها بعدا كلما أوغل في السير وانهمك فيه. وقد قالوا إن المراد بالصراط المستقيم الدين أو الحق أو العدل أو الحدود. ونحن نقول إنه جملة ما يوصلنا إلى سعادة الدنيا والآخرة من عقائد وآداب وأحكام وتعاليم.
لم سمي الموصل إلى السعادة من ذلك صراطا وطريقا؟ خذ الحق مثلا وهو العلم الصحيح بالله وبالنبوة وبأحوال الكون والناس تر معنى الصراط فيه واضحا، لأن السبيل أو الصراط ما أسلكه وأسير فيه لبلوغ الغاية التي أقصدها كذلك الحق الذي يبين لي الواقع الثابت في العقيدة الصحيحة هو كالجادة بين السبل المتفرقة المضلة فالطريق الواضح للحس، يشبه الحق للعقل والنفس، سير حسي، وسير معنوي، كذلك إذا اعتبرت هذا المعنى في الحدود والأحكام تجده واضحا – قسمت أحكام الأعمال إلى واجب ومندوب ومباح ومحرم ومكروه فكان هذا مريحا لنا من تمييز الخير من الشر بأنفسنا واجتهادنا، فبيان الأحكام بالهداية الكبرى وهي الدين كالطريق يسلك بالعمل. ومع هذا تجد الشهوات تتلاعب بالأحكام وترجعها إلى أهوائها كما يصرف السفهاء عقولهم وحواسهم فيما يرديهم. وهذا التلاعب بالدين إنما يصدر من علمائه... ولذلك كان الإنسان محتاجا أشد الاحتياج إلى العناية الإلهية الخاصة لأجل الاستقامة والسير في تلك الهدايات الأربع سيرا مستقيما يوصل إلى السعادة. لهذا نبهنا الله جل شأنه أن نلجأ إليه ونسأله الهداية ليكون عونا لنا ينصرنا على أهوائنا وشهواتنا، وأن تكون استعانتنا في ذلك به لا بسواه، بعد أن نبذل ما نستطيع من الفكر والجهاد في معرفة ما أنزل إلينا من الشريعة والأحكام وأخذ أنفسنا بما نعلم من ذلك. وهذا أفضل ما نطلب فيه المعونة منه جل شأنه لاشتماله على خيري الدنيا والآخرة. فهو بهذه الآية يعلمنا كيف نستعين بعد أن علمنا اختصاصه بالاستعانة في قوله {وإياك نستعين}...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وبعد تقرير تلك الكليات الأساسية في التصور الإسلامي؛ وتقرير الاتجاه إلى الله وحده بالعبادة والاستعانة.. يبدأ في التطبيق العملي لها بالتوجه إلى الله بالدعاء على صورة كلية تناسب جو السورة وطبيعتها: {اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين}.
(اهدنا الصراط المستقيم).. وفقنا إلى معرفة الطريق المستقيم الواصل؛ ووفقنا للاستقامة عليه بعد معرفته.. فالمعرفة والاستقامة كلتاهما ثمرة لهداية الله ورعايته ورحمته. والتوجه إلى الله في هذا الأمر هو ثمرة الاعتقاد بأنه وحده المعين. وهذا الأمر هو أعظم وأول ما يطلب المؤمن من ربه العون فيه.
فالهداية إلى الطريق المستقيم هي ضمان السعادة في الدنيا والآخرة عن يقين.. وهي في حقيقتها هداية فطرة الإنسان إلى ناموس الله الذي ينسق بين حركة الإنسان وحركة الوجود كله في الاتجاه إلى الله رب العالمين...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
تهيأ لأصحاب هذه المناجاة أن يسعوا إلى طلب حظوظهم الشريفة من الهداية بعد أن حمدوا الله ووصفوه بصفات الجلالة ثم أتبعوا ذلك بقولهم: {إياك نعبد وإياك نستعين} الذي هو واسطة جامع بين تمجيد الله تعالى وبين إظهار العبودية وهي حظ العبد بأنه عابد ومستعين وأنه قاصر ذلك على الله تعالى، فكان ذلك واسطة بين الثناء وبين الطلب، حتى إذا ظنوا بربهم الإقبال عليهم ورجَوا من فضله، أفضوا إلى سُؤْل حظهم فقالوا: {اهدنا الصراط المستقيم} فهو حظ الطالبين خاصة لما ينفعهم في عاجلهم وآجلهم، فهذا هو التوجيه المناسب لكون الفاتحة بمنزلة الديباجة للكتاب الذي أُنزل هدى للناس ورحمة فتتنزل هاته الجملة مما قبلها منزلة المقصد من الديباجة، أو الموضوع من الخطبة، أو التخلص من القصيدة، ولاختلاف الجمل المتقدمة معها بالخبرية والإنشائية فصلت هذه عنهن...
والأظهر عندي أن المراد بالصراط المستقيم المعارف الصالحات كلها من اعتقاد وعمل بأن يوفقهم إلى الحق والتمييز بينه وبين الضلال على مقادير استعداد النفوس وسعة مجال العقول النيرة والأفعال الصالحة بحيث لا يعتريهم زيغ وشبهات في دينهم، وهذا أولى ليكون الدعاء طلب تحصيل ما ليس بحاصل وقت الطلب، وإنَّ المرء بحاجة إلى هذه الهداية في جميع شؤونه كلها حتى في الدوام على ما هو متلبس به من الخير للوقاية من التقصير فيه أو الزيغ عنه.
والهداية إلى الإسلام لا تُقْصَر على ابتداء اتباعه وتقلده بل هي مستمرة باستمرار تشريعاته وأحكامه بالنص أو الاستنباط. وبه يظهر موقع قوله: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} مصادفاً المحز.
بعد أن آمنت بالله سبحانه وتعالى إلها وربا.. واستحضرت عطاء الألوهية ونعم الربوبية وفيوضات رحمة الله على خلقه. وأعلنت أنه لا إله إلا الله. وقولك:"إياك نعبد" أي أن العبادة لله تبارك وتعالى لا نشرك به شيئا ولا نعبد إلا إياه.. وأعلنت أنك ستستعين بالله وحده بقولك: "إياك نستعين". فإنك قد أصبحت من عباد الله. ويعلمك الله سبحانه وتعالى الدعاء الذي يتمناه كل مؤمن.. وما دمت من عباد الله، فإن الله جل جلاله سيستجيب لك.. مصداقا لقوله سبحانه: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا بي و ليومنوا بي لعلهم يرشدون "186 "} (سورة البقرة).
ومن رحمة الله تبارك وتعالى أنه علمنا ما نطلب.. وهذا يستوجب الحمد لله.. وأول ما يطلب المؤمن هو الهداية والصراط المستقيم: {إهدنا الصراط المستقيم}.
والهداية نوعان: هداية دلالة وهداية معونة. هداية الدلالة هي للناس جميعا.. وهداية المعونة هي للمؤمنين فقط المتبعين لمنهج الله. والله سبحانه وتعالى هدى كل عباده هداية دلالة أي دلهم على طريق الخير وبينه لهم.. فمن أراد أن يتبع طريق الخير اتبعه.. ومن أراد ألا يتبعه تركه الله لما أراد.. هذه الهداية العامة هي أساس البلاغ عن الله. فقد بين لنا الله تبارك وتعالى في منهجه بافعل ولا تفعل ما يرضيه وما يغضبه.. وأوضح لنا الطريق الذي نتبعه لنهتدي. والطريق الذي لو سلكناه حق علينا غضب الله وسخطه.. ولكن هل كل من بين له الله سبحانه وتعالى طريق الهداية اهتدى؟.. نقول لا.. واقرأ قوله جل جلاله: {وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون "17 "} (سورة فصلت)... فلو أن الله سبحانه وتعالى أرادنا جميعا مهديين.. ما استطاع واحد من خلقه أن يخرج على مشيئته. ولكنه جل جلاله خلقنا مختارين لنأتيه عن حب ورغبة بدلا من أن يقهرنا على الطاعة..
ما الذي يحدث للذين اتبعوا طريق الهداية والذين لم يتبعوه وخالفوا مراد الله الشرعي في كونه؟ {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} (سورة محمد 17). أي أن كل من يتخذ طريق الهداية يعينه الله عليه.. ويزيده تقوى وحبا في الدين.. أما الذين إذا جاءهم الهدى ابتعدوا عن منهج الله وخالفوه.. فإن الله تبارك وتعالى يتخلى عنهم ويتركهم في ضلالهم. واقرأ قوله تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين} (سورة الزخرف36). والله سبحانه وتعالى قد بين لنا المحرومين من هداية المعونة على الإيمان وهم ثلاثة كما بينهم لنا في القرآن الكريم: {ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين} (سورة النحل 107). {ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين} (سورة المائدة 108). {ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين} (سورة البقرة258). إذن فالمطرودون من هداية الله في المعونة على الإيمان.. هم الكافرون والفاسقون والظالمون..
الحق سبحانه وتعالى يقول: {اهدنا الصراط المستقيم} ما هو الصراط؟.. إنه الطريق الموصلة إلى الغاية. ولماذا نص على أنه الصراط المستقيم. لأن الله سبحانه وتعالى وضع لنا في منهجه الطريق المستقيم.. وهو أقصر الطرق إلى تحقيق الغاية.. فأقصر طريق بين نقطتين هو الطريق المستقيم...ولا تحسب أن البعد عن الطريق المستقيم يبدأ باعوجاج كبير. بل باعوجاج صغير جدا ولكنه ينتهي إلى بعد كبير.. ويكفي أن تراقب قضبان السكة الحديد.. عندما يبدأ القطار في اتخاذ طريق غير الذي كان يسلكه فهو لا ينحرف في أول الأمر إلا بضعة ملليمترات.. أي أن أول التحويلة ضيق جدا وكلما مشيت اتسع الفرق وازداد اتساعا. بحيث عند النهاية تجد أن الطريق الذي مشيت فيه.. يبعد عن الطريق الأول عشرات الكيلومترات وربما مئات الكيلومترات.. إذن فأي انحراف مهما كان بسيطا يبعدك عن الطريق المستقيم بعدا كبيرا.. ولذلك فإن الدعاء:"اهدنا الصراط المستقيم "أي الطريق الذي ليس فيه اعوجاج ولو بضعة ملليمترات.. الطريق الذي ليس فيه مخالفة تبعدنا عن طريق الله المستقيم. لذلك فإن الإنسان المؤمن يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يهديه إلى أقصر الطرق للوصول إلي الغاية.. وما هي الغاية؟ إنها الجنة والنعيم في الآخرة... ولقد قال الله سبحانه وتعالى في حديث قدسي. إنه إذا قال العبد:"اهدنا الصراط المستقيم "يقول جل جلاله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل...
جواهر التفسير للخليلي 2001 هـ :
... عن النوّاس بن سمعان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ضرب الله مثلا صراطا مستقيما وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتّحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعا ولا تَفَرّقوا، وداع يدعو من فوق الصراط فإذا أراد الإِنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب، قال ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه، فالصراط الإِسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي من فوق واعظ الله تعالى في قلب كل مسلم" قال ابن كثير: -بعدما أورد بعض أسانيد الحديث- وهو إسناد حسن صحيح.