مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ} (6)

أي ثبتنا على المنهاج الواضح كقولك للقائم : قم حتى أعود إليك أي اثبت على ما أنت عليه . أو اهدنا في الاستقبال كما هديتنا في الحال . وهدى يتعدى بنفسه إلى مفعول واحد ، فأما تعديه إلى مفعول آخر فقد جاء متعدياً إليه بنفسه كهذه الآية ، وقد جاء متعدياً باللام وبإلى كقوله تعالى : { هَدَانَا لهذا } [ الأعراف : 43 ] وقوله : { هَدَانِي رَبّي إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ } [ الأنعام : 161 ] . والسراط : الجادة من سرط الشيء إذا ابتلعه كأنه يسرط السابلة إذا سلكوه . والصراط من قلب السين صاداً لتجانس الطاء في الإطباق لأن الصاد والضاد والطاء والظاء من حروف الإطباق ، وقد تشم الصاد صوت الزاي لأن الزاي إلى الطاء أقرب لأنهما مجهورتان وهي قراءة حمزة ، والسين قراءة ابن كثير في كل القرآن وهي الأصل في الكلمة ، والباقون بالصاد الخالصة وهي لغة قريش وهي الثابتة في المصحف الإمام ، ويذكر ويؤنث كالطريق والسبيل ، والمراد به طريق الحق وهو ملة الإسلام .