فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ} (6)

{ اهدنا }

وفقنا ودلنا وأرشدنا رشدا لا غي بعده .

يقول النيسابوري : ( اهدنا ) طلب هداية للجميع فهي إذن متحققة ومستجابة . . اه

والقرطبي يقول : دلنا على الصراط المستقيم وأرشدنا إليه . وقيل الأصل فيه الإمالة ، فإن الفعل ( يتهادى ) يعني يتمايل ؛ أي مل بقلوبنا إلى الحق .

بينما الطبري يورد فيها : مسألة العبد ربه التوفيق لأداء ما كلف به من فرائض فيما يستقبل من عمره .

بينما الألوسي ينقل معاني عدة منها : الهداية بلطف ؛ ولذلك أطلق على المشي برفق( تهاد ) .

وهل يعتبر في الدلالة الإيصال ؟ فريق ذهب إلى ذلك .

أو بمعنى : ثبتنا على الدين . أو بمعنى : أعطنا زيادة الهدى كما قال تعالى : { والذين اهتدوا زادهم هدى . . }{[62]}

أو الهداية : الثواب لقوله تعالى{ . . يهديهم ربهم بإيمانهم . . }{[63]} فالمعنى : إهدنا طريق الجنة ثوابا لنا ؛ وأيد بقوله تعالى{ . . الحمد لله الذي هدانا لهذا . . }{[64]} .

{ الصراط المستقيم }

السبيل السوي الذي رضيته ودعوت إليه : وأنذرت الخارجين عليه ، وعهدت به إلى الأولين والآخرين ، كما بينت في كتابك الكريم ، فقلت وأنت أصدق القائلين : { ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين . وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم }{[65]} . وهو بهذا المعنى منسق مع ما تقدمه من قول الله تعالى : { اهدنا } ومع الآية الكريمة التالية { صراط الذين أنعمت عليهم . . } .

ونقل الطبري أن { الصراط المستقيم } كتاب الله . وابن كثير له رأي مقارب{[66]} .


[62]:سورة محمد من الآية 17.
[63]:سورة يونس من الآية 9 وبقية الآية {تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم}
[64]:سورة الأعراف من الآية 43. والآية مبدوءة بقوله تعالى {ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار..}
[65]:سورة يس الآيتان 60-61.
[66]:أورد الحافظ إسماعيل بن كثير عن النواس بن سمعان أن رسول الله ص قال: (ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعا ولا تعوجوا، وداع يدعو من فوق الصراط فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال ويحك، لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه، فالصراط الإسلام، والسوران : حدود الله والأبواب المفتحة محارم الله، والداعي على باب الصراط: كتاب الله، وذلك الداعي الذي يدعو فوق الصراط: واعظ الله في قلب كل مسلم).