بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ} (6)

قوله تعالى : { اهدنا الصراط المستقيم } رويت القراءتان عن ابن كثير أنه قرأ «السراط » بالسين ، وروي عن حمزة أنه قرأ بالزاي ، وقرأ الباقون بالصاد ؛ وكل ذلك جائز ، لأن مخرج السين والصاد واحد ، وكذلك الزاي مخرجه منهما قريب ، والقراءة المعروفة بالصاد { اهدنا الصراط المستقيم } قال ابن عباس رضي الله عنهما : { اهدنا } يعني أرشدنا ، { الصراط المستقيم } وهو الإسلام فإن قيل : أليس هو الطريق المستقيم ؟ وهو الإسلام فما معنى السؤال ؟ قيل له : الصراط المستقيم ، هو الذي ينتهي بصاحبه إلى المقصود . فإنما يسأل العبد ربه أن يرشده إلى الثبات على الطريق الذي ينتهي به إلى المقصود ، ويعصمه من السبل المتفرقة . وقد روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : خط لي رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً مستقيماً ، وخط بجنبه خطوطاً ، ثم قال : إن هذا الصراط المستقيم وهذه السبل ، وعلى رأس كل طريق شيطان يدعو إليه ويقول : هلم إلى الطريق . وفي هذا نزلت هذه الآية { وَأَنَّ هذا صراطي مُسْتَقِيمًا فاتبعوه وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذلكم وصاكم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [ الأنعام : 153 ] فلهذا قال : اهدنا الصراط المستقيم واعصمنا من السبل المتفرقة .

قال الكلبي : أمتنا على دين الإسلام .

وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : { اهدنا الصراط المستقيم } يعني ثبتنا عليه . ومعنى قول علي : ثبتنا عليه . يعني احفظ قلوبنا على ذلك ، ولا تقلبها بمعصيتنا . وهذا موافق لقول الله تعالى : { لِّيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صراطا مُّسْتَقِيماً } [ الفتح : 2 ] فكذلك هاهنا .