الآية 6 : وقوله تعالى : ( اهدنا الصراط المستقيم ) قال ابن عباس رضي الله عنه : ل( [ ( اهدنا ) ]{[130]} أرشدنا ، والإرشاد والهداية واحد . بل الهداية في حق التوفيق أقرب إلى فهم الخلق من الإرشاد بما هي أعم في تعارفهم ) .
ثم القول بالهداية يخرج على وجوه ثلاثة :
أحدها : البيان . ومعلوم أن البيان قد تقدم من الله عز وجل لا أحد يريد به ذلك لمعنى ما به البيان من كتاب وسنة . وإلى ذلك تذهب المعتزلة .
والثاني : التوفيق والعصمة عن زيغه . وذلك معنى قولهم : اللهم اهدنا في من هديت . وقوله تعالى : ( اهدنا الصراط المستقيم ) ( صراط الذين أنعمت عليهم ) [ الفاتحة : 5 و 6 ] وصفهم إلى آخر السورة . ولو كان على البيان على ما قالت المعتزلة فهو و( غير المغضوب عليهم ) في ذلك سواء . ثبت أنه على ما قلنا دون ما ذهبوا إليه . والله أعلم .
والثالث : أن يكون على طلب خلق الهداية لنا ؛ إذ نسب إليه من جهة الفعل ، وكل ما يفعله خلق ؛ كأنه قال : اخلق لنا هدايتنا ، وهو الاهتداء منا{[131]} . وبالله التوفيق .
ثم تأويل طلب الهداية ممن قد هداه الله تعالى يتوجه وجهين :
أحدهما : طلب الثبات على ما هداه الله تعالى . وعلى هذا معنى زيادات{[132]} الإيمان ، وأنها بمعنى الثبات عليه . وذلك كرجلين ينظران إلى شيء ، فيرفع أحدهما بصره عنه ، جائز القول بازدياد نظر الآخر .
[ والثاني : أنه ]{[133]} في كل حال يخاف على المرء فقد الهدى ، فيهديه مكانه ابتداء . فيكون له حكم [ الابتداء ؛ إذ ]{[134]} في كل وقت إيمان منه دفع به ضده . وعلى ذلك قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا بالله ) [ النساء : 136 ] ونحو ذلك من الآيات . وقد يحتمل أيضا / 3-أعنى الزيادة هذا النوع . وبالله التوفيق .
وأما ( الصراط ) فهو الطريق والسبيل في جميع التأويل ، وهو قوله تعالى : ( وأن هذا صراطي مستقيما ) [ الأنعام : 153 ] وقوله تعالى : ( قل هذه سبيلي ) [ يوسف : 108 ]
ثم اختلفوا في ما يراد به ؛ فقال بعضهم : هو القرآن ، وقال بعضهم : هو الإيمان والإسلام ، وأيهما كان فهو القائم الذي لا عوج له ، والقيم الذي لا اختلاف فيه ؛ من لزمه وصل إلى ما ذكر . وبالله التوفيق .
وقوله تعالى : ( المستقيم ) قيل : هو القائم بمعنى الثابت بالبراهين والأدلة ، لا يزيله شيء ، ولا ينقض حججه كيد الكائدين ولا حيل المريبين . وقيل : ( المستقيم ) الذي يستقيم بمن تمسك به حتى ينجيه [ ويدخله الجنة ]{[135]} .
[ وقيل : ( المستقيم ) بمعنى يستقام به كقوله ]{[136]} ( والنهار مبصرا ) [ يونس : 67 ] أي يبصر به ؛ يدل عليه قوله : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ) الآية{[137]} فالمستقيم هو المتبع له . وبالله التوفيق .
ثم ذكر من ذكر من المنعم{[138]} عليهم ، ولله عز وجل على كل مؤمن نعم بالهداية . وما ذكر دليل على أن الصراط هو الدين لأنه أنعم به على جميع المؤمنين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.