الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ} (6)

قوله : ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ )[ 5 ] .

معناه ثبتنا ، لأنهم( {[381]} ) كانوا مهتدين ، وإنما هو رغبة إلى الله أن يثبتنا على ذلك حتى يأتي الموت ونحن عليه .

وقيل : معناه/ ألهمنا الثبات على الصراط المستقيم ، وهو دين الإسلام ، وهو مروي عن ابن عباس( {[382]} ) .

و " هَدَى " يكون بمعنى : " أَرْشَد( {[383]} ) " ، نحو قوله : ( وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ )( {[384]} ) ، أي أرشدنا .

ويكون بمعنى " بَيَّنَ " كقوله : ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ )( {[385]} ) ، أي بينّا لهم الصواب من الخطأ ، فاستحبوا( {[386]} ) الخطأ .

ويكون بمعنى " أَلْهَمَ " كقوله : ( ثُمَّ هَدَى )( {[387]} ) ، / أي ألهم الذَّكَر( {[388]} ) من الحيوان إلى إتيان الأنثى .

وقيل : معناه ألهم المصلحة ويكون هدى( {[389]} ) بمعنى " وَفَّقَ " كما قال " ( لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )( {[390]} ) أي لا يوفقهم .

والصراط المستقيم كتاب الله . وهو مروي عن النبي [ عليه السلام ]( {[391]} ) .

وقال ابن عباس : " هو الطريق إلى الله عز وجل " ( {[392]} ) .

وعن جماعة من الصحابة( {[393]} ) أنه الإسلام( {[394]} ) .

وقال جابر بن عبد الله( {[395]} ) : " هو الإسلام وهو أوسع مما( {[396]} ) بين السماء والأرض " ( {[397]} ) .

وعن أبي العالية( {[398]} ) أنه : " رسول الله صلى الله عليه وسلم/ وصاحباه( {[399]} ) أبو بكر وعمر( {[400]} ) " .

وهو قول الحسن( {[401]} ) .

وأصله الطريق الواضح( {[402]} ) .

وقال ابن الحنفية( {[403]} ) : " هو دين الله تعالى " ( {[404]} ) .

وسمي مستقيماً لأنه لا عوج فيه ولا خطأ .

وقيل : سمي بذلك لاستقامته بأهله إلى الجنة( {[405]} ) .

وأصل ( الْمُسْتَقِيمَ ) : " المُسْتَقْوِم " ( {[406]} ) ، فألقيت حركة الواو على القاف وبقيت الواو ساكنة فقلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها . كما قالوا ميزان ، وهو من الوزن . وأصله " مِوْزَان " ، ثم قلبت الواو ياء لانكسار( {[407]} ) ما قبلها . وكذلك يقلبون الياء واواً إذا انضم ما قبلها نحو " مُوقِنٍ " و " موسِرٍ( {[408]} ) " لأنه من اليقين واليسار( {[409]} ) .


[381]:- في ق: كأنهم وهو تحريف.
[382]:- جامع البيان 1/174. وانظر نظائر "هدى" في مفردات الراغب 536-538 وإصلاح الوجوه والنظائر 473-476.
[383]:- وقد قرأ ابن مسعود رضي الله عنه "أرشدنا الصراط" في موضع (اهْدِنَا) والمعنى واحد. الإبانة للمؤلف 95 باب: "ذكر اختلاف الأئمة المشهورين غير السبعة في سورة الحمد مما يخالف خط المصحف فلا يقرأ به اليوم".
[384]:- ص آية 21.
[385]:- فصلت آية 17.
[386]:- في ع3: فاستحب. وهو خطأ.
[387]:- طه آية 49.
[388]:- في ق: الذكور.
[389]:- في ع2: هذا. وهو تحريف.
[390]:- البقرة آية 257.
[391]:- في ع3: صلى الله عليه وسلم. والحديث رواه الدارمي عن علي بن أبي طالب. سنن الدارمي 2/435.
[392]:- انظر: الدر المنثور 1/38.
[393]:- في ع3: الصحابة رضي الله عنهم.
[394]:- والقول لابن عباس في جامع البيان 1/174، والدر المنثور 1/38.
[395]:- صحابي فقيه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه ابن جبير والبصري (ت178هـ). انظر: طبقات ابن سعد 5/574 وطبقات ابن خياط 102، وتذكرة الحفاظ 1/43 وسير أعلام النبلاء 3/189.
[396]:- في ق، ع3: ما.
[397]:- انظر: مستدرك الحاكم 2/258-259 وتفسير ابن كثير 1/27-28 والمحرر الوجيز 1/80.
[398]:- هو رفيع بن مهران أبوالعالية، تابعي، مفسر، مقرئ. سمع من عمر وعائشة، وحدث عنه قتادة وأبو عمرو بن العلاء. (ت90هـ). انظر: طبقات ابن سعد 7/112 وسير أعلام النبلاء 4/207 وتذكرة الحفاظ 611.
[399]:- في ق، ع2: صاحبه.
[400]:- انظر: مستدرك الحاكم 2/258-259 وتفسير ابن كثير 1/27-28 والمحرر الوجيز 1/80.
[401]:- هو الحسن بن أبي الحسن يسار البصري، سيد زمانه علماً وعملاً، حدث عن ابن عباس وعثمان وابن عمر، وحدث عنه قتادة وأبو عمرو بن العلاء (ت110هـ). انظر: طبقات ابن خياط 210، وتذكرة الحفاظ 1/71، وطبقات القرطبي 1/235.
[402]:- انظر: مجاز القرآن 1/24 وتفسير القرطبي 1/147.
[403]:- هو أبو القاسم محمد بن علي بن أبي طالب، المشهور بابن الحنفية، روى عن عثمان وعن أبيه، وعن أبي هريرة. (ت81هـ). انظر: طبقات ابن سعد 5/147، وطبقات ابن خياط 230، وسير أعلام النبلاء 4/118.
[404]:- انظر: المحرر الوجيز 1/80، وتفسير القرطبي 1/147.
[405]:- يرد الطبري على هذا التفسير بقوله: "وقد زعم بعض أهل الغباء أنه سماه الله مستقيماً لاستقامته بأهله إلى الجنة، وذلك تأويل لتأويل جميع أهل التفسير خلاف، وكفى بإجماعهم على خلافه دليلاً على خطته" جامع البيان 1/177.
[406]:- البيان 1/39، والإملاء 1/7.
[407]:- في ع1، ع2، ق: بالانكسار. وهو خطأ.
[408]:- في ع3: موسم. وهو تحريف.
[409]:- أورد هذا التوجيه في كتابه مشكل الإعراب 1/71.