الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ} (6)

هدى أصله أن يتعدى باللام أو بإلى ، كقوله تعالى : { إِنَّ هذا االقرآن يِهْدِى لِلَّتِى هي أَقْوَمُ } [ الإسراء : 9 ] ، { وَإِنَّكَ لَتَهْدِى إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ } [ الشورى : 52 ] ، فعومل معاملة اختار في قوله تعالى : { واختار موسى قَوْمَهُ } [ الأعراف : 155 ] . ومعنى طلب الهداية وهم مهتدون طلب زيادة الهدى بمنح الإلطاف ، كقوله تعالى : { والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى } [ محمد : 17 ] ، { والذين جاهدوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } [ العنكبوت : 69 ] . وعن علي وأبيّ رضي الله عنهما : اهدنا ثبتنا ، وصيغة الأمر والدعاء واحدة ، لأنّ كل واحد منهما طلب ، وإنما يتفاوتان في الرتبة . وقرأ عبد الله : أرشدنا .

«السراط » : الجادّة ، من سرط الشيء إذا ابتلعه ، لأنه يسترط السابلة إذا سلكوه ، كما سمي : لقماً ، لأنه يلتقمهم . والصراط من قلب السين صاداً لأجل الطاء ، كقوله : «مصيطر » ، في «مسيطر » ، وقد تشم الصاد صوت الزاي ، وقرىء بهنّ جميعاً ، وفصاحهنّ إخلاص الصاد ، وهي لغة قريش وهي الثابتة في الإمام ، ويجمع سرطاً ، نحو كتاب وكتب ، ويذكر ويؤنث كالطريق والسبيل ، والمراد طريق الحق وهو ملة الإسلام .