النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ} (6)

قوله عز وجل : { اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيم } إلى آخرها .

أما قوله : { اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقِيمَ } ففيه تأويلان :

أحدهما : معناه أرْشُدْنا ودُلَّنَا .

والثاني : معناه وفقنا ، وهذا قول ابن عباس .

وأما " الصراط " ففيه تأويلان :

أحدهما : أنه السبيل المستقيم ، ومنه قول جرير :

أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى صِراطٍ  ***   إذَا اعْوَجَّ الْمَوَارِدُ مُسْتَقِيم

والثاني : أنه الطريق الواضح ، ومنه قوله تعالى :

{ وَلاَ تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُون }{[19]} وقال الشاعر :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . ***  فَصَدَّ عَنْ نَهْجِ الصِّرَاطِ الْقَاصِدِ{[20]}

وهو مشتق من مُسْتَرَطِ الطعام ، وهو ممره في الحلق .

وفي الدعاء بهذه الهداية ، ثلاثة تأويلات :

أحدها : أنهم دعوا باستدامة الهداية ، وإن كانوا قد هُدُوا .

والثاني : معناه زدنا هدايةً .

والثالث : أنهم دعوا بها إخلاصاً للرغبة ، ورجاءً لثواب الدعاء . واختلفوا في المراد بالصراط المستقيم ، على أربعة أقاويل :

أحدها : أنه كتاب الله تعالى ، وهو قول علي وعبد الله ، ويُرْوَى نحوه عن النبي صلى الله عليه وسلم .

والثاني : أنه الإسلام ، وهو قول جابر بن عبد الله ، ومحمد بن الحنفية .

والثالث : أنه الطريق الهادي إلى دين الله تعالى ، الذي لا عوج فيه ، وهو قول ابن عباس .

والرابع : هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخيار أهل بيته وأصحابه ، وهو قول الحسن البصري وأبي العالية الرياحي .


[19]:- آية 86 الأعراف.
[20]:- وفي رواية: الصراط الواضح.