المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُۚ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيۡءٖ قَدۡرٗا} (3)

3- ويُهيِّئ له أسباب الرزق من حيث لا يخطر على باله ، ومَن يُفوض إلى الله كل أموره فهو كافيه ، إن الله بالغ مراده ، منفذ مشيئته . قد جعل الله لكل شيء وقتاً لا يعدوه ، وتقديراً لا يجاوزه .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُۚ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيۡءٖ قَدۡرٗا} (3)

{ ويرزقه من حيث لا يحتسب } ما ساق من الغنم . وقال مقاتل : أصاب غنماً ومتاعاً ثم رجع إلى أبيه ، فانطلق أبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره الخبر ، وسأله : أيحل له أن يأكل ما أتى به ابنه ؟ فقال له صلى الله عليه وسلم : نعم ، فأنزل الله هذه الآية . قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، وابن مسعود : { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً } هو أن يعلم أنه من قبل الله وأن الله رازقه . وقال الربيع بن خيثم : { يجعل له مخرجاً } من كل شيء ضاق على الناس . وقال أبو العالية : يجعل له مخرجاً من كل شدة . وقال الحسن : { مخرجاً } عما نهاه عنه . { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } يتق الله فيما نابه كفاه ما أهمه . وروينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً " . { إن الله بالغ أمره } قرأ طلحة بن مصرف ، وحفص عن عاصم : { بالغ أمره } بالإضافة ، وقرأ الآخرون بالغ بالتنوين أمره بالنصب ، أي منفذ أمره ، ممض في خلقه قضاءه . { قد جعل الله لكل شيء قدراً } أي جعل الله لكل شيء من الشدة والرخاء أجلاً ينتهي إليه . قال مسروق في هذه الآية { إن الله بالغ أمره } توكل عليه أو لم يتوكل ، غير أن المتوكل عليه يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُۚ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيۡءٖ قَدۡرٗا} (3)

وقوله تعالى : { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } ، الآيات كلها عظة لجميع الناس ، والحسب : الكافي المرضي ، وقال ابن مسعود هذه أكثر الآيات حضّاً على التفويض ، وروي أن رجلاً قال لعمر : ولّني مما ولاك الله ، فقال له عمر : أتقرأ القرآن ؟ قال : لا . قال : فأنا لا أولي من لا يقرأ القرآن . فتعلم الرجل رجاء الولاية ، فلما حفظ كثيراً من القرآن تخلف عن عمر فلقيه يوماً فقال له عمر ما أبطا بك ؟ قال له تعلمت القرآن ، فأغناني الله تعالى عن عمر وعن بابه .

ثم قرأ هذه الآيات من هذه السورة . وقوله تعالى : { إن الله بالغ أمره } بيان وحض على التوكل ، أي لا بد من نفوذ أمر الله توكلت أيها المرء أو لم تتوكل قاله مسروق . فإن توكلت كفاك وتعجلت الراحة والبركة ، وإن لم تتوكل وكلك إلى عجزك وتسخطك ، وأمره في الوجهين نافذ ، وقرأ داود بن أبي هند{[11161]} -ورويت عن أبي عمرو «بالغ أمرُه » برفع الأمر{[11162]} وحذف مفعول تقدير : بالغ أمره ما شاء ، وقرأ جمهور السبعة : «بالغ أمرَه » بنصب الأمر{[11163]} وقرأ حفص والمفضل عن عاصم : «بالغُ أمرِه » على الإضافة وترك التنوين في : «بالغُ » ، ورويت عن أبي عمرو ، والأعمش ، وهي قراءة طلحة بن مصرف ، وقرأ جمهور الناس : «قدْراً » بسكون الدال ، وقرأ بعض القراء : «قدَراً » بفتح الدال وهذا كله حض على التوكل .


[11161]:هو داود بن أبي هند القشيري، مولاهم، أبو بكر أو أبو محمد، البصري، ثقة متقن، كان يهم بآخرة، من الطبقة الخامسة، مات سنة أربعين، وقيل: مات قبلها، (تقريب التهذيب).
[11162]:مع تنوين[بالغ].
[11163]:مع التنوين في [بالغ] أيضا.