فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُۚ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيۡءٖ قَدۡرٗا} (3)

{ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ } أي من وجه لا يخطر بباله ولا يكون في حسابه . قال الشعبي والضحاك : هذا في الطلاق خاصة : أي من طلق كما أمره الله يكن له مخرج في الرجعة في العدّة وأنه يكون كأحد الخطاب بعد العدّة . وقال الكلبي : ومن يتق الله بالصبر عند المصيبة يجعل له مخرجاً من النار إلى الجنة . وقال الحسن : مخرجاً مما نهى الله عنه . وقال أبو العالية : مخرجاً من كل شيء ضاق على الناس . وقال الحسين بن الفضل : ومن يتق الله في أداء الفرائض يجعل له مخرجاً من العقوبة ويرزقه الثواب من حيث لا يحتسب : أي يبارك له فيما آتاه . وقال سهل بن عبد الله : ومن يتق الله في اتباع السنة يجعل له مخرجاً من عقوبة أهل البدع ويرزقه الجنة من حيث لا يحتسب ، وقيل : غير ذلك . وظاهر الآية العموم ، ولا وجه للتخصيص بنوع خاص ويدخل ما فيه السياق دخولاً أولياً { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ } أي ومن وثق بالله فيما نابه كفاه ما أهمه { إِنَّ الله بالغ أَمْرِهِ } قرأ الجمهور { بَالِغٌ أَمْرِهِ } بتنوين بالغ ونصب أمره ، وقرأ حفص بالإضافة ، وقرأ ابن أبي عبلة وداود بن أبي هند وأبو عمرو في رواية عنه بتنوين «بَالِغٌ » ورفع «أَمْرُهُ » على أنه فاعل بالغ ، أو على أن أمره مبتدأ مؤخر وبالغ خبر مقدم . قال الفراء في توجيه هذه القراءة : أي أمره بالغ ؛ والمعنى على القراءة الأولى والثانية : أن الله سبحانه بالغ ما يريده من الأمر لا يفوته شيء ولا يعجزه مطلوب ، وعلى القراءة الثالثة : أن الله نافذ أمره لا يرده شيء . وقرأ المفضل «بالغاً » بالنصب على الحال ويكون خبر «إن » قوله : { قَدْ جَعَلَ الله لِكُلّ شَيْء قَدْراً } أي تقديراً وتوقيتاً أو مقداراً . فقد جعل سبحانه للشدة أجلاً تنتهي إليه ، وللرخاء أجلاً ينتهي إليه . وقال السدي : هو قدر الحيض والعدة .

/خ5