{ ويرزقه } فرجا وخلفا { من حيث لا يحتسب } قال ابن مسعود : أي من حيث لا يدري ، يعني من وجه لا يخطر بباله ، ولا يكون في حسابه وقال الحسين بن الفضل : ومن يَتّق الله في أداء الفرائض يجعل له مخرجا من العقوبة ، ويرزقه الثواب من حيث لا يحتسب ، أي يبارك له فيما آتاه وقال سهل بن عبد الله : ومن يتق الله في إتباع السنة يجعل له مخرجا من عقوبة أهل البدع ، ويرزقه الجنة من حيث لا يحتسب ، وقيل غير ذلك ، وظاهر الآية العموم ، ولا وجه للتخصيص بنوع خاص . ويدخل في ذلك ، ما فيه السياق دخولا أوليا ، فإن قيل : نرى كثيرا من الأتقياء مضيقا عليه في الرزق ، أجيب بأنه لا يخلو عن رزق ، والآية لم تدل على أن المتقي يوسع له في الرزق ، بل دلت على أنه يرزق من حيث لا يحتسب ، وهذا أمر مطرد في الأتقياء أفاده الكرخي .
{ ومن يتوكل على الله فهو حسبه } أي ومن وثق بالله فيما نابه كفاه ما أهمه ، قال ابن مسعود في الآية : ليس المتوكل الذي يقول تقضي حاجتي ، وليس كل من يتوكل على الله كفاه ما أهمه ، ودفع عنه ما يكره ، وقضى حاجته ، ولكن الله جعل فضل من توكل على من لم يتوكل أن يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا .
{ إن الله بالغ أمره } فلا بد من كونه ينفذه ، سواء حصل توكل أو لا قال ابن مسعود ، قاض أمره على من توكل وعلى من لم يتوكل ، ولكن المتوكل يكفر عن سيئاته ويعظم له أجرا قرأ الجمهور بتنوين بالغ ونصب أمره وقرئ بالإضافة وهي سبعية ، وقرئ بتنوين بالغ ورفع أمره ، لأنه فاعل بالغ ، أو على أن أمره مبتدأ مؤخر وبالغ خبر مقدم ، قال الفراء في توجيه هذه القراءة : أي أمره بالغ ، وقرئ بالغا بالنصب على الحال ، ويكون خبر عن قوله : { قد جعل الله لكل } الخ ، والمعنى على الأولى والثانية أن الله سبحانه بالغ ما يريده من الأمر لا يفوته شيء ولا يعجزه مطلوب ، وعلى الثالثة أن الله نافذ أمره لا يرده شيء .
{ قد جعل الله لكل شيء قدرا } أي تقديرا وتوقيتا أو مقدارا لا يتعداه وإن اجتهد جميع الخلائق في أن يتعداه فقد سجل سبحانه للشدة أجلا تنتهي إليه ، وللرخاء أجلا ينتهي إليه ، وهذا بيان لوجوب التوكل على الله وتفويض الأمر إليه ، لأنه إذا علم أن كل شيء من الرزق ونحوه لا يكون إلا بتقديره وتوقيته لم يبق إلا التسليم للقدر والتوكل ، قال السدي : هو قدر الحيض والعدة ، وقال ابن مسعود : يعني أجلا ومنتهى ينتهي إليه .
" وعن عمر بن الخطاب قال : قال صلى الله عليه وسلم : لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقتم كما ترزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا " أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم وصححه وغيرهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.