" ويرزقه من حيث لا يحتسب " من حيث لا يرجو . وقال ابن عيينة : هو البركة في الرزق . وقال أبو سعيد الخدري : ومن يبرأ من حوله وقوته بالرجوع إلى الله يجعل له مخرجا مما كلفه بالمعونة له . وتأول ابن مسعود ومسروق الآية على العموم . وقال أبو ذر : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنى لأعلم آية لو أخذ بها الناس لكفتهم - ثم تلا - " ومن يق الله يجعل له مخرجا . ويرزقه من حيث لا يحتسب " ) . فما زال يكررها ويعيدها .
وقال ابن عباس : قرأ النبي صلى الله عليه وسلم " ومن يتق الله يجعل له مخرجا . ويرزقه من حيث لا يحتسب " قال : ( مخرجا من شبهات الدنيا ومن غمرات الموت ومن شدائد يوم القيامة ) . وقال أكثر المفسرين فيما ذكر الثعلبي : إنها نزلت في عوف بن مالك الأشجعي . روي الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : جاء عوف بن مالك الأشجعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إن ابني أسره العدو وجزعت الأم . وعن جابر بن عبدالله : نزلت في عوف بن مالك الأشجعي أسر المشركون ابنا له يسمى سالما ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا إليه الفاقة وقال : إن العدو أسر ابني وجزعت الأم ، فما تأمرني ؟ فقال عليه السلام : ( اتق الله واصبر وآمرك وإياها أن تستكثرا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله ) . فعاد إلى بيته وقال لامرأته : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني وإياك أن نستكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله . فقالت : نعم ما أمرنا به . فجعلا يقولان ، فغفل العدو عن ابنه ، فساق غنمهم وجاء بها إلى أبيه ، وهي أربعة آلاف شاة . فنزلت الآية ، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم تلك الأغنام له . في رواية : أنه جاء وقد أصاب إبلا من العدو وكان فقيرا . قال الكلبي : أصاب خمسين بعيرا . وفي رواية : فأفلت ابنه من الأسر وركب ناقة للقوم ، ومر في طريقه بسرح لهم فاستاقه . وقال مقاتل : أصاب غنما ومتاعا فسأل النبي صلى الله عليه وسلم : أيحل لي أن آكل مما أتى به ابني ؟ قال : ( نعم ) . ونزلت : " ومن يتق الله يجعل له مخرجا . ويرزقه من حيث لا يحتسب " . فروي الحسن عن عمران بن الحصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من انقطع إلى الله كفاه الله كل مؤونة ورزقه من حيث لا يحتسب . ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها ) . وقال الزجاج : أي إذا اتقى وآثر الحلال والتصبر على أهله ، فتح الله عليه إن كان ذا ضيقة ورزقه من حيث لا يحتسب . وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب ) .
قوله تعالى : " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " أي من فوض إليه أمره كفاه ما أهمه . وقيل : أي من اتقى الله وجانب المعاصي وتوكل عليه ، فله فيما يعطيه في الآخرة من ثوابه كفاية . ولم يرد الدنيا ؛ لأن المتوكل قد يصاب في الدنيا وقد يقتل . " إن الله بالغ أمره " قال مسروق{[15087]} : أي قاض{[15088]} أمره فيمن توكل عليه وفيمن لم يتوكل عليه ، إلا أن من توكل عليه فيكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا . وقراءة العامة " بالغ " منونا . " أمره " نصبا . وقرأ عاصم " بالغ أمره " بالإضافة وحذف التنوين استخفافا . وقرأ المفضل " بالغا أمره " على أن قوله : " قد جعل الله " خبر " إن " و " بالغا " حال . وقرأ داود بن أبي هند " بالغ أمره " بالتنوين ورفع الراء . قال الفراء : أي أمره بالغ . وقيل : " أمره " مرتفع " ببالغ " والمفعول محذوف ، والتقدير : بالغ أمره ما أراد . " قد جعل الله لكل شيء قدرا " أي لكل شيء من الشدة والرخاء أجلا ينتهي إليه . وقيل تقديرا . وقال السدي : هو قدر الحيض في الأجل والعدة . وقال عبدالله بن رافع : لما نزل قوله تعالى : " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : فنحن إذا توكلنا عليه نرسل ما كان لنا ولا نحفظه ، فنزلت : " إن الله بالغ أمره " فيكم وعليكم . وقال الربيع بن خيثم : إن الله تعالى قضى على نفسه أن من توكل عليه كفاه ومن آمن به هداه ، ومن أقرضه جازاه ، ومن وثق به نجاه ، ومن دعاه أجاب له . وتصديق ذلك في كتاب الله : " ومن يؤمن بالله يهد قلبه{[15089]} " [ التغابن : 11 ] . " ومن يتوكل على الله فهو حسبه{[15090]} " [ الطلاق : 3 ] . " إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم{[15091]} " [ التغابن : 17 ] . " ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم{[15092]} " [ آل عمران : 101 ] . " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان{[15093]} " [ البقرة : 186 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.