{ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ } أي من وجهٍ لا يخطرُ ببالِهِ ولا يحتسبُهُ ويجوزُ أن يكونَ كلاماً جيءَ بهِ على نهجِ الاستطرادِ عند ذكرِ قولِهِ تعالى : { ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بالله } [ سورة الطلاق ، الآية 2 ] إلى آخرِهِ فالمَعْنَى ومن يتقِ الله في كلِّ ما يأتي وما يذرُ يجعلْ لهُ مخرجاً ومخلصاً من غمومِ الدُّنيا والآخرةِ فيندرجُ فيهِ ما نحنُ فيهِ اندراجاً أولياً . عن النبيِّ عليه الصلاةُ والسلامُ أنه قرأَها فقالَ : «مخرجاً من شبهاتِ الدُّنيا ومن غمراتِ الموتِ ومن شدائدِ يومِ القيامةِ » وقالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ : «إني لأعلمُ آيةً لو أخذَ الناسُ بها لكفتْهُم »{[785]} { ومن يتقِ الله } فما زال يقرؤها ويعيدُهَا . ورُوِيَ أن عوفَ بنَ مالكٍ الأشجعيَّ أسرَ المشركونَ ابنَهُ سالماً فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال : «أسرَ ابنِي وشكَا إليهِ الفاقةَ » فقالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ : «اتقِ الله وأكثِرْ قولَ لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العليِّ العظيمِ » ففعلَ فبينَا هُو في بيتِهِ إذ قرعَ ابنُهُ البابَ ومعهُ مائةٌ من الإبلِ غفلَ عنها العدوُّ فاستاقَهَا فنزلتْ .
{ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ } أيْ كافيهِ في جميعِ أمورِهِ { إِنَّ الله بالغ أَمْرِهِ } بالإضافةِ أي منفذُ أمرِهِ وقُرِئَ بتنوينِ بالغُ ونصبِ أمرِهِ أيْ يبلغُ ما يريدُهُ لا يفوتُهُ مرادٌ ولا يُعجزُه مطلوبٌ ، وقُرِئَ برفعِ أمرِهِ على أنَّه مبتدأٌ وبالغٌ خبرٌ مقدمٌ ، والجملةُ خبرُ إنَّ أو بالغٌ خبر إنَّ ، وأمرُهُ مرتفعٌ بهِ على الفاعليةِ أي نافذ أمرُهُ . وقُرِئَ بالغاً أمرَهُ على أنَّه حالٌ وخبرُ إنَّ قولُهُ تعالَى : { قَدْ جَعَلَ الله لِكُلّ شَيء قَدْراً } أي تقديراً وتوقيتاً أو مقداراً وهُو بيانٌ لوجوبِ التوكلِ عليهِ تعالَى ، وتفويضُ الأمرِ إليهِ لأنَّه إذا علمَ أنَّ كلَّ شيءٍ من الرزقِ وغيرِه لا يكونُ إلا بتقديرِه تعالَى لا يبقى إلا التسليمُ للقدرِ والتوكلُ على الله تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.