تفسير الأعقم - الأعقم  
{وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُۚ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيۡءٖ قَدۡرٗا} (3)

{ ويرزقه } الجنة { من حيث لا يحتسب } وعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قرأها فقال : " مخرجاً من شبهات الدنيا ومن غمرات الموت ومن شدائد يوم القيامة " ، وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " إني لأعلم آية لو أخذ الناس بها لكفتهم { ومن يتق الله } فما زال يقرؤها ويعيدها " ، وقيل : " نزلت في عوف بن مالك الأشجعي أسر المشركون ابناً له يسمى مالكاً فأتى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقال : أسر ابني وشكا إليه الفاقة فقال : " ما عند آل محمد إلا مداً فاتق الله واصبر وأكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " ففعل فبينما هو في بيته إذ قرع ابنه الباب ومعه مائة من الابل تغفل عنها العدو فساقها " فنزلت ، روي ذلك في الحاكم والكشاف ، وروي في السيرة أيضاً ، ونزول الآي مثل ذلك ، وروي أيضاً في النزول وفي بعض السير أنها نزلت في الكلبي " وذلك أن أهل المدينة أصابتهم أزمة شديدة فأرسله رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليمتار للمسلمين طعاماً فقصد مدينة من مدن النصارى وكان دحية من أصبح الناس وهو شبيه برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكان في تلك المدينة بنت لملك النصارى فأخبرت عنه فاشتقات إليه وأرسلت إليه من أحضره ، فلما دخلت عليه وقد تهيّأت له وتزينت راودته عن نفسه وبذلت له أن يوقر إبله فاستعصم ، فلم تعذره من ذلك وإلا أهلكته فاستدعى حديدة واستدل موضعاً ليتنضف نفسه فأخذ الحديدة يجب نفسه فارتد الحرق موضع في جدار ذلك البيت وأحماله موقرات براً فحمد الله تعالى وصلى على نبيه وركب بعيره ، ووصل المدينة لثلاثة أيام طوى الله له المراحل ، وكان مسيره إليها اثني عشر يوماً ، فدخل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال له : " يا دحية أخبر بقصتك أو نخبرك " فقال : بل من لسانك أحلى يا رسول الله ، فأخبره رسول الله بما كان فيه وكان ذلك معجزة لنبيه ( عليه السلام ) على يد دحيَّة فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " الحمد لله الذي جعل من أمتي نظيراً ليوسف " ، ثم قال دحية : مر يا رسول الله من يفرق هذا الطعام فأمر رسول الله من فرقه على المسلمين وأخذ دحية مثل نصيب واحد منهم " ، وقيل : إن الآية نزلت في رجل من الأنصار { إن الله بالغ أمره } أي بلغ ما يريد من قضائه وتدابيره فيهم على ما أراد { قد جعل الله لكل شيء قدراً } أي أجلاً وحدّاً ينتهي إليه .