الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُۚ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيۡءٖ قَدۡرٗا} (3)

- ثم قال تعالى : ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه )[ 3 ] .

أي : فهو {[68846]} كافيه {[68847]} .

قال مسروق : [ القضاء ] {[68848]} جار على من توكل وعلى من لم يتوكل {[68849]} .

قال بعض الصالحين : المتوكل {[68850]} تعجل {[68851]} البركة والأجر .

ثم قال تعالى ( إن الله بالغ أمره . . . )[ 3 ] .

قال مسروق : الله بالغ أمره بكل حال ، [ توكل ] {[68852]} عليه {[68853]} أو لم يتوكل( عليه ) {[68854]} ، أي : منفذ قضاءه بكل حال ، غير أن المتوكل عليه يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا {[68855]} .

قال ابن مسعود : إن أكثر {[68856]} أية تفويضا في القرآن ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) .

ثم قال تعالى : ( قد جعل الله لكل شيء قدرا )[ 3 ] .

قال مسروق : " أي : لكل شيء أجلا ومنتهى " {[68857]} .

وقال السدي : هو قدر {[68858]} الحيض في الأجل والعدة {[68859]} .

وقيل : هو عام .

والمعنى : قد جعل الله [ لكل شيء من الطلاق ] {[68860]} والعدة وغير ذلك حدا وأجلا وقدرا ينتهي {[68861]} إليه .

ولا اختلاف بين العلماء أن المطلقة واحدة أو اثنتين لها النفقة والسكنى {[68862]} وكذلك المطلقة الحامل .

وفي المطلقة ثلاثا اختلاف ، فأكثر العلماء على أن لا نفقة_ ( لها ) {[68863]} ولا سكنى {[68864]} . وقد روي ذلك [ عن النبي صلى الله عليه وسلم ] {[68865]} . وقال الحسن وعكرمة والشعبي : لها متاع بالمعروف وسكنى . وهو قول جابر .

وقال الثوري {[68866]} وأصحاب الرأي {[68867]} ( لها النفقة ) {[68868]} والسكنى . وهو قول مروي عن عمر وابن مسعود {[68869]} ، وبه قال شريح {[68870]} . والقول الأول قول {[68871]} ابن عباس {[68872]} .

وقال مالك {[68873]} والشافعي {[68874]} والأوزاعي {[68875]} وابن أبي ليلى {[68876]} وأبو عبيد {[68877]} : لها السكنى ولا نفقة ( لها ) {[68878]} وهو قول ابن المسيب {[68879]} وسليمان بن يسار {[68880]} والحسن وعطاء والشعبي {[68881]} وابن مهدي {[68882]} .


[68846]:- انظر: جامع البيان28/139 وإعراب النحاس 4/451.
[68847]:- هو مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني الوداعي أبو عائشة, تابعي ثقة من أصحاب عبد الله بن مسعود, روى عن أبي بكر وعثمان, وعنه الشعبي والنخعي( ت: 62هـ). انظر: صفة الصفوة:3/64 وتهذيب الأسماء2/88 والغاية لابن الجزري:2/294 وطبقات الحفاظ:14.
[68848]:- م: الفضل.
[68849]:- أ: ومن من لم يتوكل. وانظر: جامع البيان 28/139 وأخرج نحوه عن ابن مسعود, وانظر المعالم:7/110.
[68850]:- ث: التوكل.
[68851]:- ث:تجعل.
[68852]:- م: متوكل ث: يتوكل.
[68853]:- ث: الله.
[68854]:- ساقط من أ, ث. وما أثبت ثابت في جامع البيان 28/139.
[68855]:- انظر: جامع البيان28/139 وهو تمام قوله السابق.
[68856]:- في جامع البيان 28/140"أكبر". وفيه أيضا:" تفوضا" وقد احتمل الناشر أن تكون محرفة عن التفويض.
[68857]:- جامع البيان 28/140 وهما قولان أخرجهما الطبري عن مسروق وجمع بينهما مكي.
[68858]:- أ: قول.
[68859]:- انظر: جامع البيان 28/140 وتفسير القرطبي 18/161.
[68860]:- م: لكل شيء قدرا من الطلاق.
[68861]:- أ: انتهى. وانظر: جامع البيان 28/140 وإعراب النحاس 4/452.
[68862]:- أ: السكنى والنفقة.
[68863]:- ساقط من ث.
[68864]:- حكاه ابن حجر عن الجمهور, وحكاه أيضا عن أحمد وإسحاق وأبي ثور. انظر: الفتح9/480.
[68865]:- م: عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد اخرج مسلم في صحيحه, كتاب الطلاق باب المطلقة البائن لا نفقة لها عن فاطمة بنت قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها- بعدما طلقها زوجها-:" لا نفقة لك ولا سكنى". وهذا الحديث له قصة ذكرها مسلم من عدة طرق وبألفاظ مختلفة. وأبو داود في كتاب الطلاق, باب في نفقة المبتوتة من ح: 2284 إلى ح: 2290. وابن ماجة في كتاب الطلاق باب المطلقة ثلاث هل لها سكنى ونفقة ح: 2035 و 2036. ومالك في الموطأ كتاب الطلاق, باب ما جاء في نفقة المطلقة ح:67. والطبري في جامع البيان 28/147.
[68866]:- انظر: الأحكام للجصاص:459 وحكاه عن الحسن بن صالح أيضا. والثوري هو سفيان ابن سعيد بن مسروق الثوري, أبو عبد الله, أمير المؤمنين في الحديث, سمع أبا إسحاق السبيعي وعبد الملك بن عمير, وروى عنه الأوزاعي وشعبة .( ت:161هـ) بالبصرة. انظر: صفة الصفوة:3/147 وتهذيب الأسماء:1/222. وتهذيب التهذيب:4/111-115 والغاية لابن جزي:1/308.
[68867]:- انظر: الأحكام للجصاص:3/459: والمحرر: 16/41.
[68868]:- بياض في ث.
[68869]:- انظر: جامع البيان: 28/146 وأخرجه أيضا عن علي بن الحسين وإبراهيم.
[68870]:- هو أبو أمية, شريح بن الحارث بن قيس الكندي, الكوفي التابعي ولي القضاء لعمر بن الخطاب وعلي بن معاوية, اشتهر بالعدل والذكاء روى عن عمر وزيد بن ثابت وعنه الشعبي والنخعي,( ت:78هـ) انظر: صفة الصفوة3/38 وتهذيب الأسماء:1/243, وطبقات الحفاظ20.
[68871]:- ث: والقول الأول هو قول ابن عباس. أ: والقول هو قول ابن عباس.
[68872]:- انظر: جامع البيان: 28/146 وأخرجه أيضا عن علي بن الحسين وإبراهيم
[68873]:- تنظر المدونة: 1/108 والمقدمات:1/515 والأحكام لابن الفرس:3/567 وفيهما أنه قول جميع أصحاب مالك.
[68874]:- انظر: الأم:5/219 والأحكام للشافعي"1/262.
[68875]:- انظر: الأحكام للجصاص3/459 وحكاه عن الليث أيضا. والأوزاعي هو عبد الرحمن بن عمرو,أبو عمرو الدمشقي, إمام أهل الشام في وقته في الفقه والحديث, روى عن عطاء وابن سيرين, وعنه أبو حنيفة والزهري. (ت:157هـ). انظر: تهذيب الأسماء1/298: وتذكرة الحفاظ:1/178 وطبقات الحفاظ"79.
[68876]:- انظر: الأحكام للجصاص:3/4593 وهي رواية أخرى عنه. وابن أبي ليلى هو عبد الرحمن, أبو عيسى الأنصاري الكوفي, تابعي جليل وأبوه صحابي, وروى عن عثمان وابن مسعود, وعنه الشعبي ومجاهد(ت:83هـ). انظر تهذيب الأسماء:1/303 والغاية لابن الجزري: 1/376 وطبقات الحفاظ:19.
[68877]:- ث: وقال أبو عبيد, وانظر: قوله في المحرر 16/41.
[68878]:- ساقط من أ.
[68879]:- انظر: المحرر16/41.
[68880]:- انظر: المحرر 16/41. وسليمان بن يسار هو أبو أيوب الهلالي أخو عطاء, أحد الفقهاء السبعة بالمدينة وصلحائهم, كثير الحديث, سمع ابن عباس وزيد بن ثابت وروى عنه عمرو بن دينار والزهري. (ت:109هـ وقيل 107هـ, وقيل غير ذلك). انظر: صفة الصفوة2/82 وتهذيب الأسماء1/234 وطبقات الحفاظ: 35.
[68881]:-انظر: المحرر 16/41.
[68882]:- أ: ابن مهري, والذي في المتن هو عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري المصري, أبو سعيد, من كبار حفاظ الحديث, وعباد زمانه, روى عن مالك بن أنس والثوري, وعنه ابن حنبل وأبو عبيد( ت: 189هـ). انظر: صفة الصفوة:4/5 وتهذيب الأسماء:1/304 وتهذيب التهذيب6/279 وطبقات الحفاظ: 139.