المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞وَإِذَا رَأَيۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ وَإِن يَقُولُواْ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ كَأَنَّهُمۡ خُشُبٞ مُّسَنَّدَةٞۖ يَحۡسَبُونَ كُلَّ صَيۡحَةٍ عَلَيۡهِمۡۚ هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ} (4)

4- وإذا أبصرتهم تُعجبك أجسامهم لوجاهتهم ، وإن يتحدثوا تسمع لقولهم لحلاوته ، وهم مع ذلك فارغة قلوبهم من الإيمان كأنهم خُشب مسندة لا حياة فيها . يحسبون كل نازلة عليهم - لشعورهم بحقيقة حالهم - هم العدو فاحذرهم - طردهم الله من رحمته - كيف يُصرفون عن الحق إلى ما هم عليه من النفاق .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞وَإِذَا رَأَيۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ وَإِن يَقُولُواْ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ كَأَنَّهُمۡ خُشُبٞ مُّسَنَّدَةٞۖ يَحۡسَبُونَ كُلَّ صَيۡحَةٍ عَلَيۡهِمۡۚ هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ} (4)

{ وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم } يعني أن لهم أجساماً ومناظر ، { وإن يقولوا تسمع لقولهم } فتحسب أنه صدق ، قال عبد الله بن عباس : كان عبد الله بن أبي جسيماً فصيحاً طلق اللسان ، فإذا قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم قوله . { كأنهم خشب مسندة } أشباح بلا أرواح وأجسام بلا أحلام . قرأ أبو عمرو والكسائي : خشب بسكون الشين ، وقرأ الباقون بضمها . { مسندة } ممالة إلى جدار ، من قولهم : أسندت الشيء ، إذا أملته ، والثقيل للتكثير ، وأراد أنها ليست بأشجار تثمر ، ولكنها خشب مسندة إلى حائط ، { يحسبون كل صيحة عليهم } أي لا يسمعون صوتاً بأن نادى مناد أو انفلتت دابة وأنشدت ضالة ، إلا ظنوا -من جبنهم وسوء ظنهم- أنهم يرادون بذلك ، أنهم قد أتوا ، لما في قلوبهم من الرعب . وقيل : ذلك لكونهم على وجل من أن ينزل الله فيهم أمرا يهتك أستارهم ويبيح دماءهم ثم قال : { هم العدو } وهذا ابتداء وخبره ، { فاحذرهم } ولا تأمنهم ، { قاتلهم الله } لعنهم الله { أنى يؤفكون } يصرفون عن الحق .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞وَإِذَا رَأَيۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ وَإِن يَقُولُواْ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ كَأَنَّهُمۡ خُشُبٞ مُّسَنَّدَةٞۖ يَحۡسَبُونَ كُلَّ صَيۡحَةٍ عَلَيۡهِمۡۚ هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ} (4)

{ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ } من روائها ونضارتها ، { وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ } أي : من حسن منطقهم تستلذ لاستماعه ، فأجسامهم وأقوالهم معجبة ، ولكن ليس وراء ذلك من الأخلاق الفاضلة والهدى الصالح شيء ، ولهذا قال : { كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ } لا منفعة فيها ، ولا ينال منها إلا الضرر المحض ، { يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ } وذلك لجبنهم وفزعهم وضعف قلوبهم ، والريب الذي في قلوبهم  يخافون{[1104]} أن يطلع عليهم .

فهؤلاء { هُمُ الْعَدُوُّ } على الحقيقة ، لأن العدو البارز المتميز ، أهون من العدو الذي لا يشعر به ، وهو مخادع ماكر ، يزعم أنه ولي ، وهو العدو المبين ، { فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } أي : كيف يصرفون عن الدين الإسلامي بعد ما تبينت أدلته ، واتضحت معالمه ، إلى الكفر الذي لا يفيدهم إلا الخسار والشقاء .


[1104]:- وفي ب: وضعف قلوبهم وريبها.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞وَإِذَا رَأَيۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ وَإِن يَقُولُواْ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ كَأَنَّهُمۡ خُشُبٞ مُّسَنَّدَةٞۖ يَحۡسَبُونَ كُلَّ صَيۡحَةٍ عَلَيۡهِمۡۚ هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ} (4)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنّهُمْ خُشُبٌ مّسَنّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنّى يُؤْفَكُونَ } .

يقول جلّ ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وإذا رأيت هؤلاء المنافقين يا محمد تعجبك أجسامهم لاستواء خلقها وحسن صورها وَإنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ يقول جلّ ثناؤه : وإن يتكلموا تسمع كلامهم يشبه منطقهم منطق الناس كأنّهُمْ خُشُبٌ مُسَنّدَةٌ يقول كأن هؤلاء المنافقين خُشُب مسّندة لا خير عندهم ولا فقه لهم ولا علم ، وإنما هم صور بلا أحلام ، وأشباح بلا عقول .

وقوله : يَحْسَبُونَ كُلّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ يقول جلّ ثناؤه : يحسب هؤلاء المنافقون من خُبثهم وسوء ظنهم ، وقلة يقينهم كلّ صيحة عليهم ، لأنهم على وَجَل أن يُنْزل الله فيهم أمرا يهتك به أستارهم ويفضحهم ، ويبيح للمؤمنين قتلهم وسبي ذراريهم ، وأخذ أموالهم ، فهم من خوفهم من ذلك كلما نزل بهم من الله وحي على رسوله ، ظنوا أنه نزل بهلاكهم وعَطَبهم . يقول الله جلّ ثناؤه لنبيه صلى الله عليه وسلم : هم العدوّ يا محمد فاحذرهم ، فإن ألسنتهم إذا لَقُوكم معكم وقلوبهم عليكم مع أعدائكم ، فهم عين لأعدائكم عليكم .

وقوله : قَاتَلَهُمُ اللّهُ أنّى يُوءْفَكُونَ يقول : أخزاهم الله إلى أيّ وجه يصرفون عن الحقّ .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، وسمعته يقول في قول الله : وإذَا رَأيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أجْسامُهُمْ . . . الاَية ، قال : هؤلاء المنافقون .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : كأنّهُمْ خُشُبٌ مُسَنّدَةٌ فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة خلا الأعمش والكسائي : خُشُبٌ بضم الخاء والشين ، كأنهم وجهوا ذلك إلى جمع الجمع ، جمعوا الخشبة خِشَابا ثم جمعوا الخِشاب خُشُبا ، كما جمعت الثّمَرةُ ثمارا ، ثم ثُمُرا . وقد يجوز أن يكون الخُشُب بضمٍ الخاء والشين إلى أنها جمع خَشَبة ، فتضمّ الشين منها مرّة وتسكن أخرى ، كما جمعوا الأكمة أُكُما وأُكْما بضم الألف والكاف مرّة ، وتسكين الكاف منها مرّة ، وكما قيل : البُدُن والبُدْن ، بضم الدال وتسكينها لجمع البَدَنة ، وقرأ ذلك الأعمش والكسائي : «خُشْبٌ » بضم الخاء وسكون الشين .

وللصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان ، ولغتان فصيحتان ، وبأيتهما قرأ القارىء فمصيب وتسكين الأوسط فيما جاء من جمع فُعُلة على فُعْل في الأسماء على ألسن العرب أكثرو ذلك كجمعهم البَدَنة بُدْنا ، والأجمة أُجما .