طلبت هذه السورة من النبي صلى الله عليه وسلم أن يلجأ إلى ربه ، ويعتصم به من شر كل ذي شر من مخلوقاته ، ومن شر الليل إذا دخل ظلامه . لما يصيب النفوس فيه من الوحشة ، ولما يتعذر من دفع ضرره ، ومن شر المفسدات الساعيات في حل ما بين الناس من روابط وصلات ، ومن شر حاسد يتمنى زوال ما يسبغ الله على عباده من نعمه .
{ قل أعوذ برب الفلق } قال ابن عباس ، وعائشة : كان غلام من اليهود يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدبت إليه اليهود ، فلم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعدة أسنان من مشطه ، فأعطاها اليهود فسحروه فيها ، وتولى ذلك لبيد بن الأعصم ، رجل من يهود ، فنزلت السورتان فيه .
أخبرنا أبو حامد أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنبأنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أنبأنا أنس بن عياض ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة " أن النبي صلى الله عليه وسلم : طب حتى إنه ليخيل إليه أنه قد صنع شيئاً وما صنعه ، وأنه دعا ربه ، ثم قال : أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه ؟ فقالت عائشة : وما ذاك يا رسول الله ؟ قال : جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي ، فقال أحدهما لصاحبه : ما وجع الرجل ؟ قال الآخر : هو مطبوب . قال : من طبه ؟ قال : لبيد بن الأعصم ، قال : فبماذا ؟ قال : في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر ، قال : فأين هو ؟ قال : في ذروان -وذروان بئر في بني زريق -قالت عائشة : فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم رجع إلى عائشة ، فقال : والله لكأن ماءها نقاعة الحناء ، ولكأن نخلها رؤوس الشياطين ، قالت : فقلت له : يا رسول الله هلا أخرجته ؟ قال : أما أنا فقد شفاني الله ، فكرهت أن أثير على الناس به شراً " . وروي أنه كان تحت صخرة في البئر ، فرفعوا الصخرة وأخرجوا جف الطلعة ، فإذا فيه مشاطة رأسه ، وأسنان مشطه فيها .
أخبرنا المطهر بن علي الفاري ، أنبأنا محمد بن إبراهيم الصالحاني ، حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر أبو الشيخ الحافظ ، أنبأنا ابن أبي عاصم ، حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن يزيد بن حبان بن أرقم قال : " سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود ، قال : فاشتكى لذلك أياماً ، قال : فأتاه جبريل ، فقال : إن رجلاً من اليهود سحرك وعقد لك عقدا ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً فاستخرجها فجاء بها ، فجعل كلما حل عقدة وجد لذلك خفة ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال ، فما ذكر ذلك لليهود ولا رأوه في وجهه قط " .
قال مقاتل والكلبي : كان في وتر عقد عليه إحدى عشرة عقدة . وقيل : كانت العقد مغروزة بالإبرة ، فأنزل الله هاتين السورتين ، وهما إحدى عشرة آية ، سورة الفلق خمس آيات ، وسورة الناس ست آيات ، كلما قرأ آية انحلت عقدة ، حتى انحلت العقد كلها ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال . وروي : أنه لبث فيه ستة أشهر ، واشتد عليه ثلاث ليال ، فنزلت المعوذتان .
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أنبأنا عبد الغافر بن محمد ، أنبأنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا بشر بن هلال الصواف ، حدثنا عبد الوارث ، حدثنا عبد العزيز بن صهيب ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد : " أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ، اشتكيت ؟ قال : نعم ، فقال : بسم الله أرقيك من كل نفس أو عين حاسد ، الله يشفيك ، بسم الله أرقيك " . قوله عز وجل :{ قل أعوذ برب الفلق } ، أراد بالفلق : الصبح ، وهو قول جابر بن عبد الله ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وقتادة ، وأكثر المفسرين ، وهي رواية العوفي عن ابن عباس ، بدليل قوله :{ فالق الإصباح } . وروي عن ابن عباس : أنه سجن في جهنم . وقال الكلبي : واد في جهنم . وقال الضحاك : يعني الخلق ، وهي رواية الوالبي عن ابن عباس ، والأول هو المعروف .
{ 1 - 5 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ }
أي : { قل } متعوذًا { أَعُوذُ } أي : ألجأ وألوذ ، وأعتصم { بِرَبِّ الْفَلَقِ } أي : فالق الحب والنوى ، وفالق الإصباح .
1- سورة " الفلق " تسمى –أيضا- سورة { قل أعوذ برب الفلق } ، وتسمى هي والتي بعدها بالمُعْوِذَتَيْنِ ، وكان نزولهما على الترتيب الموجود في المصحف .
ويرى الحسن وعطاء وعكرمة أنهما مكيتان ، ويرى قتادة وجماعة أنهما مدنيتان .
قال الآلوسي عند تفسيره لهذه السورة : هي مكية في قول الحسن . . ومدنية في رواية عن ابن عباس . وفي قول قتادة وجماعة ، وهو الصحيح ؛ لأن سبب نزولها سحر اليهود . . ( {[1]} ) .
وقد سار السيوطي في إتقانه على أنهما مكيتان ، وأن نزول سورة الفلق كان بعد نزول سورة " الفيل " وقبل سورة " الصمد " .
2- وعدد آياتها خمس آيات ، والغرض الأكبر منها تعليم النبي صلى الله عليه وسلم كيف يستعيذ بالله –تعالى- من شرور الحاقدين والجاحدين والسحرة والفاسقين عن أمر ربهم . .
الفلق : أصله شق الشيء عن الشيء ، وفصل بعض عن بعض ، والمراد به هنا : الصبح ، وسمى فلقا لانفلاق الليل وانشقاقه عنه ، كما فى قوله - تعالى - : { فَالِقُ الإصباح } أي : شاقٌّ ظلمة آخر الليل عن بياض الفجر . .
ويصح أن يكون المراد به ، كل ما يفلقه الله - تعالى - من مخلوقات كالأرض التى تنفلق عن النبات ، والجبال التى تنفلق عن عيون الماء . .
أي : قل - أيها الرسول الكريم - أعوذ وأستجير وأعتصم ، بالله - تعالى - الذي فلق الليل ، فانشق عنه الصباح ، والذي هو رب جميع الكائنات ، ومبدع كل المخلوقات . .
هذه السورة والتي بعدها توجيه من الله - سبحانه وتعالى - لنبيه [ صلى الله عليه وسلم ] ابتداء وللمؤمنين من بعده جميعا ، للعياذ بكنفه ، واللياذ بحماه ، من كل مخوف : خاف وظاهر ، مجهول ومعلوم ، على وجه الإجمال وعلى وجه التفصيل . . وكأنما يفتح الله - سبحانه - لهم حماه ، ويبسط لهم كنفه ، ويقول لهم ، في مودة وعطف : تعالوا إلى هنا . تعالوا إلى الحمى . تعالوا إلى مأمنكم الذي تطمئنون فيه . تعالوا فأنا أعلم أنكم ضعاف وأن لكم أعداء وأن حولكم مخاوف وهنا . . هنا الأمن والطمأنينة والسلام . .
ومن ثم تبدأ كل منهما بهذا التوجيه . ( قل : أعوذ برب الفلق ) . . ( قل : أعوذ برب الناس ) . .
وفي قصة نزولها وقصة تداولها وردت عدة آثار ، تتفق كلها مع هذا الظل الذي استروحناه ، والذي يتضح من الآثار المروية أن رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] استروحه في عمق وفرح وانطلاق :
عن عقبة - ابن عامر - رضي الله عنه - أن رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] قال : " ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط ? قل : أعوذ برب الفلق وقل : أعوذ برب الناس " . .
وعن جابر - رضي الله عنه - قال : قال لي رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : " اقرأ يا جابر " . قلت : ماذا بأبي أنت وأمي ? قال " اقرأ : قل أعوذ برب الفلق . وقل أعوذ برب الناس " فقرأتهما . فقال : " اقرأ بهما فلن تقرأ بمثلهما " . .
وعن ذر بن حبيش قال : سألت أبي بن كعب - رضي الله عنه - عن المعوذتين . قلت : يا أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا [ وكان ابن مسعود لا يثبتهما في مصحفه ثم ثاب إلى رأي الجماعة وقد أثبتهما في المصحف ] فقال : سألت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] فقال : " قيل لي : قل . فقلت " . فنحن نقول كما قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وكل هذه الآثار تشي بتلك الظلال الحانية الحبيبة . .
وهنا في هذه السورة يذكر الله - سبحانه - نفسه بصفته التي بها يكون العياذ من شر ما ذكر في السورة .
( قل أعوذ برب الفلق ) . . والفلق من معانيه الصبح ، ومن معانيه الخلق كله . بالإشارة إلى كل ما يفلق عنه الوجود والحياة ، كما قال في الأنعام : ( إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ) . . وكما قال : ( فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ) . .
وسواء كان هو الصبح فالاستعاذة برب الصبح الذي يؤمن بالنور من شر كل غامض مستور ، أو كان هو الخلق فالاستعاذة برب الخلق الذي يؤمن من شر خلقه ، فالمعنى يتناسق مع ما بعده . .
قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، أخبرنا عاصم بن بَهْدَلة ، عن زر بنُ حُبَيش قال : قلت لأبي بن كعب : إن ابن مسعود [ كان ]{[1]} لا يكتب المعوذتين في مصحفه ؟ فقال : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرني أن جبريل ، عليه السلام ، قال له : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } فقلتها ، قال : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } فقلتها . فنحن نقول ما قال النبي صلى الله عليه وسلم{[2]} . {[3]} .
ورواه أبو بكر الحُميدي في مسنده ، عن سفيان بن عيينة ، حدثنا عبدة بن أبي لُبَابة ، وعاصم بن بهدلة ، أنهما سمعا زر بن حبيش قال : سألتُ أبي بن كعب عن المعوذتين ، فقلت : يا أبا المنذر ، إن أخاك ابن مسعود يَحُكهما من المصحف . فقال : إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " قيل{[4]} لي : قل ، فقلت " . فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم{[5]} .
وقال أحمد : حدثنا وَكيع ، حدثنا سفيان ، عن عاصم ، عن زر قال : سألتُ ابنَ مسعود عن المعوذتين فقال : سألتُ النبي صلى الله عليه وسلم عنهما فقال : " قيل لي ، فقلت لكم ، فقولوا " . قال أبي : فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم فنحن نقول{[6]} .
وقال البخاري : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، حدثنا عَبدَةُ بن أبي لُبَابة ، عن زر بن حُبَيش - وحدثنا عاصم عن زر - قال : سألت أبي بن كعب فقلت : أبا المنذر ، إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا . فقال : إني سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " قيل لي ، فقلت " . فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم{[7]} .
ورواه البخاري أيضًا والنسائي ، عن قتيبة ، عن سفيان بن عيينة ، عن عبدة وعاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، عن أبي بن كعب ، به{[8]} .
وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا الأزرق بن علي ، حدثنا حسان بن إبراهيم ، حدثنا الصَّلْت بن بَهرَام ، عن إبراهيم ، عن علقمة قال : كان عبد الله يَحُك المعوذتين من المصحف ، ويقول : إنما
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ بهما ، ولم يكن عبد الله يقرأ بهما{[9]}
ورواه عبد الله بن أحمد من حديث الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن{[10]} بن يزيد قال : كان عبد الله يحك المعوذتين من مصاحفه ، ويقول : إنهما ليستا من كتاب الله .
قال الأعمش : وحدثنا عاصم ، عن زر بن حبيش ، عن أبي بن كعب قال : سألنا عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " قيل لي ، فقلت " {[11]} .
وهذا مشهور عند كثير من القراء والفقهاء : أن ابن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه ، فلعله لم يسمعهما من النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يتواتر عنده ، ثم لعله قد رجع عن قوله ذلك إلى قول الجماعة ، فإن الصحابة ، رضي الله عنهم ، كتبوهما{[12]} في المصاحف الأئمة ، ونفذوها إلى سائر الآفاق كذلك ، ولله الحمد والمنة .
وقد قال مسلم في صحيحه : حدثنا قتيبة ، حدثنا جرير ، عن بيان ، عن قيس بن أبي حَازم ، عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم يُر مثلهن قط : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } و { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ }{[13]} .
ورواه أحمد ، ومسلم أيضا ، والترمذي ، والنسائي ، من حديث إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن عقبة ، به{[14]} . وقال الترمذي : حسن صحيح .
طريق أخرى : قال الإمام أحمد : حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا ابن جابر ، عن القاسم أبي عبد الرحمن ، عن عقبة بن عامر قال : بينا أنا أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم في نَقب من تلك النقاب ، إذ قال لي : " يا عقبة ، ألا تَركب ؟ " . قال : [ فَأجْلَلْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أركب مركبه . ثم قال : " يا عُقيب ، ألا تركب ؟ " . قال ]{[15]} فأشفقت أن تكون معصية ، قال : فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وركبت هنيهة ، ثم ركب ، ثم قال : " يا عقيب ، ألا أُعلمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس ؟ " . قلت : بلى يا رسول الله . فأقرأني : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } و { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } ثم أقيمت الصلاة ، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ بهما ، ثم مر بي فقال : " كيف رأيت يا عقيب{[16]} ؟ اقرأ بهما كلما نمت ، وكلما قمت " .
ورواه النسائي من حديث الوليد بن مسلم وعبد الله بن المبارك ، كلاهما عن ابن جابر ، به{[17]} .
ورواه أبو داود والنسائي أيضًا ، من حديث ابن وهب ، عن معاوية بن صالح ، عن العلاء بن الحارث ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن عقبة ، به{[18]} .
طريق أخرى : قال أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب ، حدثني يزيد بن عبد العزيز الرعيني وأبو مرحوم ، عن يزيد بن محمد القرشي ، عن علي بن رباح ، عن عقبة بن عامر قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات في دبر كل صلاة .
ورواه أبو داود والترمذي والنسائي ، من طرق ، عن علي بن أبي رباح{[19]} . وقال الترمذي : غريب .
طريق أخرى : قال أحمد : حدثنا يحيى{[20]} بن إسحاق ، حدثنا ابن لَهِيعة ، عن مشَرح بن هاعان ، عن عقبة بن عامر قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقرأ بالمعوذتين ، فإنك لن تقرأ بمثلهما " . تفرد به أحمد{[21]} .
طريق أخرى : قال أحمد : حدثنا حيوة بن شُرَيْح ، حدثنا بَقِيَّة ، حدثنا بَحير بن سعد ، عن خالد بن مَعْدان ، عن جُبَير بن نُفَير ، عن عقبة بن عامر أنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهديت له بغلة شهباء ، فركبها فأخذ عقبة يقودها له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم{[22]} : اقرأ { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } فأعادها له حتى قرأها ، فعرف أني لم أفرح بها جدًا ، فقال : " لعلك تهاونت بها ؟ فما قمت تصلي بشيء مثلها " .
ورواه النسائي عن عمرو بن عثمان ، عن بقية ، به{[23]} . ورواه النسائي أيضا من حديث الثوري ، عن معاوية بن صالح ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه ، عن عقبة بن عامر : أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعوذتين ، فذكر نحوه{[24]} .
طريق أخرى : قال النسائي : أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ، حدثنا المعتمر ، سمعت النعمان ، عن زياد أبي الأسد ، عن عقبة بن عامر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الناس لم يتعوذوا بمثل هذين : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } و { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ }{[25]} .
طريق أخرى : قال النسائي : أخبرنا قتيبة ، حدثنا الليث ، عن أبي عجلان ، عن سعيد المقبري ، عن عقبة بن عامر قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا عقبة ، قل " . فقلت : ماذا أقول ؟ فسكت عني ، ثم قال : " قل " . قلت : ماذا أقول يا رسول الله ؟ فسكت عني ، فقلت : اللهم ، أردده علي . فقال : " يا عقبة ، قل " . قلت : ماذا أقول يا رسول الله ؟ فقال : " { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } ، فقرأتها حتى أتيت على آخرها ، ثم قال : " قل " . قلت : ماذا أقول يا رسول الله ؟ قال : " { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } ، فقرأتها حتى أتيت على آخرها ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : " ما سأل سائل بمثلهما ، ولا استعاذ مستعيذ بمثلهما " {[26]} .
طريق أخرى : قال النسائي : أخبرنا محمد بن يسار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا معاوية ، عن العلاء بن الحارث ، عن مكحول ، عن عقبة بن عامر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بهما في صلاة الصبح{[27]} .
طريق أخرى : قال النسائي : أخبرنا قتيبة ، حدثنا الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي عمران أسلم ، عن عقبة بن عامر قال : اتبعت{[28]} رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راكب ، فوضعت يدي على قدمه{[29]} فقلت : أقرئني سورة هود أو سورة يوسف . فقال : " لن تقرأ شيئًا أنفع{[30]} عند الله من { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق }{[31]} .
حديث{[32]} آخر : قال النسائي : أخبرنا محمود بن خالد ، حدثنا الوليد ، حدثنا أبو عمرو الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث ، عن أبي عبد الله ، عن ابن عائش{[33]} الجهني : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " يا ابن عائش ، ألا أدلك - أو : ألا أخبرك - بأفضل ما يتعوذ به المتعوذون ؟ " . قال : بلى ، يا رسول الله . قال : " { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق } و { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } هاتان السورتان " {[34]} .
فهذه طرق عن عقبة كالمتواترة عنه ، تفيد القطع عند كثير من المحققين في الحديث .
وقد تقدم في رواية صُدَيّ بن عجلان ، وفَرْوَةَ بن مُجَاهد ، عنه : " ألا أعلمك ثلاثَ سُوَر لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان{[35]} مثلهن ؟ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } و { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } و { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل ، حدثنا الجريري ، عن أبي العلاء قال : قال رجل : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، والناس يعتقبون ، وفي الظهر قلة ، فحانت نزلَة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلتي ، فلحقني فضرب [ من بعدي ]{[36]} منكبي ، فقال : " { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } ، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأتها معه ، ثم قال : " { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } ، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأتها معه ، فقال : " إذا صليت فاقرأ بهما " {[37]} .
الظاهر أن هذا الرجل هو عقبة بن عامر ، والله أعلم .
ورواه النسائي عن يعقوب بن إبراهيم ، عن ابن علية ، به{[38]} .
حديث آخر : قال النسائي : أخبرنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، عن عبد الله بن سعيد ، حدثني يزيد بن رومان ، عن عقبة بن عامر ، عن عبد الله الأسلمي - هو ابن أنيس - : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده على صدره ثم قال : " قل " . فلم أدر ما أقول ، ثم قال لي : " قل " . قلت : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } ثم قال لي : " قل " . قلت : { أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ } حتى فرغت منها ، ثم قال لي : " قل " . قلت : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } حتى فرغت منها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هكذا فَتَعَوَذْ{[39]} ، ما تعوذَ المتعوذون بمثلهن قط " {[40]} .
حديث آخر : قال النسائي : أخبرنا عمرو بن علي أبو حفص ، حدثنا بَدَل ، حدثنا شداد بن سعيد أبو طلحة ، عن سعيد الجُرَيري ، حدثنا أبو نَضْرة ، عن جابر بن عبد الله قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقرأ يا جابر " . قلت : وما أقرأ بأبي أنت وأمي ؟ قال : " اقرأ { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } و { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس } . فقرأتهما ، فقال : " اقرأ بهما ، ولن تقرأ بمثلهما " {[41]} .
وتقدم حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهن ، وينفث في كفيه ، ويمسح بهما رأسه ووجهه ، وما أقبل من جسده .
وقال الإمام مالك : عن ابن شهاب ، عن عُرْوَة ، عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث ، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه ، وأمسح بيده عليه ، رجاء بركتها .
ورواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ، ومسلم عن يحيى بن يحيى ، وأبو داود عن القعنبي ، والنسائي عن قتيبة- ومن حديث ابن القاسم ، وعيسى بن يونس - وابن ماجة من حديث معن وبشر بن عُمَر ، ثمانيتهم عن مالك ، به{[42]} .
وتقدم في آخر سورة : " ن " من حديث أبي نضرة ، عن أبي سعيد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من أعين الجان ، وعين الإنسان ، فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما ، وترك ما سواهما . رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة ، وقال الترمذي : حديث حسن .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن عصام ، حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا حسن بن صالح ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر قال : الفلق : الصبح .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : { الْفَلَقِ } الصبح . ورُوي عن مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعبد الله بن محمد بن عقيل ، والحسن ، وقتادة ، ومحمد بن كعب القرظي ، وابن زيد ، ومالك عن زيد بن أسلم ، مثل هذا .
قال القرظي ، وابن زيد ، وابن جرير : وهي كقوله تعالى : { فَالِقُ الإصْبَاحِ } [ الأنعام : 96 ] .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { الْفَلَقِ } الخلق . وكذا قال الضحاك : أمر الله نبيه أن يتعوذ من الخلق كله .
وقال كعب الأحبار : { الْفَلَقِ } بيت في جهنم ، إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره ، ورواه ابن أبي حاتم ، ثم قال :
حدثنا أبي ، حدثنا سهيل بن عثمان ، عن رجل سماه ، عن السدي ، عن زيد بن علي ، عن آبائه أنهم قالوا : { الْفَلَقِ } جب في قعر جهنم ، عليه غطاء ، فإذا كشف عنه خرجت منا{[30838]} نار تصيح منه جهنم ، من شدة حر ما يخرج منه .
وكذا رُوي عن عمرو بن عَبَسَةَ{[30839]} والسدي ، وغيرهم .
وقد ورد في ذلك حديثٌ مرفوع منكر ، فقال ابن جرير :
حدثني إسحاق بن وهب الواسطي ، حدثنا مسعود بن موسى بن مشكان الواسطي ، حدثنا نصر بن خزيمة الخراساني ، عن شعيب بن صفوان ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن أبي هُريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { الْفَلَقِ } جُبّ في جهنم مغطى " {[30840]} إسناده{[30841]} غريب ولا يصح رفعه .
وقال أبو عبد الرحمن الحبلي : { الْفَلَقِ } من أسماء جهنم .
قال ابن جرير : والصواب القول الأول ، أنه فلق الصبح . وهذا هو الصحيح ، وهو اختيار البخاري ، رحمه الله في صحيحه{[30842]} .
القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ * مِن شَرّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرّ النّفّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد : أستجير بربّ الفلق من شرّ ما خلق من الخلق .
واختلف أهل التأويل في معنى الفلق ، فقال بعضهم : هو سجن في جهنم يسمى هذا الاسم . ذكر من قال ذلك :
حدثني الحسين بن يزيد الطحان ، قال : حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن إسحاق بن عبد الله ، عمن حدثه عن ابن عباس قال : الفلق : سجن في جهنم .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيريّ ، قال : حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، عن رجل ، عن ابن عباس ، في قوله : الفَلَقِ : سجن في جهنم .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا العوّام بن عبد الجبار الجَوْلانيّ ، قال : قَدِم رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الشأم ، قال : فنظر إلى دُور أهل الذمة ، وما هم فيه من العيش والنضارة ، وما وُسّعَ عليهم في دنياهم ، قال : فقال : لا أبالك ، أليس من ورائهم الفلق ؟ قال : قيل : وما الفلق ؟ قال : بيت في جهنم ، إذ فُتح هَرّ أهل النار .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، قال : سمعت السّدّيّ يقول : الفَلَق : جُبّ في جهنم .
حدثني عليّ بن حسن الأزدي ، قال : حدثنا الأشجعيّ ، عن سفيان ، عن السديّ ، مثله .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن السديّ ، مثله .
حدثني إسحاق بن وهب الواسطيّ ، قال : حدثنا مسعود بن موسى بن مشكان الواسطيّ ، قال : حدثنا نصر بن خْزَيمة الخراسانيّ ، عن شعيب بن صفوان ، عن محمد بن كعب القُرَظِيّ ، عن أبي هُريرة ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : «الفَلَق : جبّ في جهنم مغطّى » .
حدثنا ابن البرقي ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثنا نافع بن يزيد ، قال : حدثنا يحيى بن أبي أسيد ، عن ابن عجلان ، عن أبي عبيد ، عن كعب ، أنه دخل كنيسة فأعجبه حُسنها ، فقال : أحسن عمل وأضلّ قوم ، رضيت لكم الفلق ، قيل : وما الفلق ؟ قال : بيت في جهنم ، إذا فُتح صاح جميع أهل النار من شدّة حرّه .
وقال آخرون : هو اسم من أسماء جهنم . ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سمعت خيثم بن عبد الله يقول : سألت أبا عبد الرحمن الحبلي ، عن الفلق ، قال : هي جهنم .
وقال آخرون : الفلق : الصبح . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه . عن ابن عباس : أعُوذُ برَبّ الْفَلَقِ قال : الفلق : الصّبْح .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، قال : أنبأنا عوف ، عن الحسن ، في هذه الآية : قُلْ أعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ . قال : الفلق : الصبح .
قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جُبير ، قال : الفلق الصبح .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران جميعا ، عن سفيان ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جُبير ، مثله .
حدثني عليّ بن الحسن الأزدي ، قال : حدثنا الأشجعيّ ، عن سفيان ، عن سالم ، عن سعيد بن جُبير ، مثله .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن الحسن بن صالح ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر ، قال : الفَلَق : الصبح .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا الحسن بن صالح ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله ، مثله .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا أبو صخر ، عن القُرَظِيّ ، أنه كان يقول في هذه الآية : { قُلْ أعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ } يقول : فالق الحبّ والنوى ، قال : فالق الإصباح .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { قُلْ أعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ } قال : الصبح .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة { قُلْ أعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ } قال : الفَلَق : فَلقَ النهار .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : الفلق : فلق الصبح .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : { قُلْ أعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ } قيل له : فَلَق الصبح ، قال : نعم ، وقرأ : { فالِقُ الإصْباحِ وَجاعِلُ اللّيْلِ سَكَنا } .
وقال آخرون : الفَلَق : الخلق ، ومعنى الكلام : قل أعوذ برب الخلق . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : الفلق : يعني الخلق .
والصواب من القول في ذلك ، أن يقال : إن الله جلّ ثناؤه أمر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقول : { أعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ } ، والفلق في كلام العرب : فَلق الصبح ، تقول العرب : هو أبينُ من فَلَق الصّبح ، ومن فَرَق الصّبح . وجائز أن يكون في جهنم سجن اسمه فَلَق . وإذا كان ذلك كذلك ، ولم يكن جلّ ثناؤه وضعَ دلالة على أنه عُنِي بقوله بِرَبّ الْفَلَقِ بعض ما يُدْعَى الفلق دون بعض ، وكان الله تعالى ذكره ربّ كل ما خلق من شيء ، وجب أن يكون معنيا به كل ما اسمه الفَلَق ، إذ كان ربّ جميع ذلك .