قوله تعالى : { يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا } ، محمد صلى الله عليه وسلم .
قوله تعالى : { يبين لكم } أعلام الهدى ، وشرائع الدين .
قوله تعالى : { على فترة من الرسل } أي انقطاع من الرسل . واختلفوا في مدة الفترة بين عيسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم ، قال أبو عثمان النهدي : ستمائة سنة ، وقال قتادة : خمسمائة وستون سنة ، وقال معمر والكلبي : خمسمائة وأربعون سنة ، وسميت فترة ، لأن الرسل كانت تترى بعد موسى عليه السلام ، من غير انقطاع إلى زمن عيسى عليه السلام ، ولم يكن بعد عيسى عليه السلام سوى رسولنا صلى الله عليه وسلم .
قوله تعالى : { أن تقولوا } ، كيلا تقولوا .
قوله تعالى : { ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير } .
وبعد أن بين - سبحانه - فساد أقوال أهل الكتاب وبطلان عقائدهم ، ورد عليهم بما لا يدع للعاقل متمسكا بتلك الضلالات . أتبع ذلك بتوجيه نداء آخر إليهم تكريرا لوعظهم ، وتحريضاً لهم على اتباع الحق فقال - تعالى -
{ يَا أَهْلَ الكتاب قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ . . . }
أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : قال معاذ بن جبل ، وسعد بن عبادة وعقبة بن وهب لليهود : يا معشر اليهود ، اتقوا الله وأسلموا ، فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله . لقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه ، وتصفونه لنا بصفته . فقال رافع بن حرملة ووهب بن يهوذا : ما قلنا هذا لكم ، وما أنزل الله من كتاب من بعد موسى ، ولا أرسل بشيراً ولا نذيراً بعده ، فأنزل الله في قولهما قوله : { يَا أَهْلَ الكتاب قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ على فَتْرَةٍ مَّنَ الرسل } الآية .
وقوله { على فَتْرَةٍ مَّنَ الرسل } أي : على انقطاع من الرسل ، إذ الفترة هي الزمن بين زمنين ، ويكون فيها سكون عما يكون في هذين الزمنين .
قال الراغب : الفتور سكون بعد حدة ، ولين بعد شدة ، وضعف بعد قوة . قال - تعالى { يَا أَهْلَ الكتاب قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ على فَتْرَةٍ مَّنَ الرسل } أي : سكون خال عن مجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله { يُسَبِّحُونَ الليل والنهار لاَ يَفْتُرُونَ } أي لا يسكنون عن نشاطهم في العادة فأصل الفتور : السكون والانقطاع . يقال فتر عن عمله إذا انقطع عما كان عليه من الجد والنشاط .
والمعنى : يا أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، يا من أنزل الله - تعالى - الكتب السماوية على أنبيائكم لهدايتكم وسعادتكم ، ها هو ذا رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - قد جاءكم لكي يبين لكم شرائع الدين ، والطريق الحق الذي يوصلكم إلى السعادة الدينية والدنيوية ، وذلك بعد انقطاع من الرسل ، وطموس من السبل ، وضلال في العقائد ، وفساد في الأفكار والمعاملات .
قال الإِمام ابن كثير ما ملخصه : قوله - تعالى - { على فَتْرَةٍ مَّنَ الرسل } أي : بعد مدة متطاولة ما بين إرساله صلى الله عليه وسلم وبين عيسى ابن مريم . وقد اختلفوا في مقدار هذه الفترة كم هي ؟
وكانت هذه الفترة بين عيسى ابن مريم - آخر أنبياء بني إسرائيل - وبين محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين من بني آدم على الإِطلاق ، كما ثبت في " صحيح البخاري " عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أنا أولى الناس بابن مريم ليس بيني وبينه نبي " وهذا فيه رد على من زم أنه بعث بعد عيسى نبي يقال له خالد بن سنان .
والمقصود من هذه الآية ، أن الله - تعالى - بعث محمداً صلى الله عليه وسلم على فترة من الرسل ، وطموس من السبل ، وتغير الأديان ، وكثرة عُبَّاد الأوثان والنيران والصلبان ، فكانت النعمة به أتم النعم .
وفي ندائه - سبحانه - لليهود والنصارى بقوله : { يَا أَهْلَ الكتاب } تنبيه لهم إلى أن مصاحبتهم للكتاب وكونهم أهل معرفة ، يوجبان عليهم المبادرة إلى اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم الذي بشرت بمبعثه كتبهم التي بين أيديهم ، والذي يعرفون صدقه كما يعرفون أبناءهم .
وإلا فسيكون عقابهم أشد إذا استمروا في كفرهم وضلالهم .
وعبر - سبحانه - بقوله : { قَدْ جَآءَكُمْ } للإِيذان بأنه صلى الله عليه وسلم قد أصبح بينهم ، بحيث يشاهدهم ويشاهدونه ، ويسمع منهم ويسمعون منه ، وأنه قد صار من اللازم عليهم اتباعه ، لأن الشواهد قد قامت على صدقه فيما يبلغه عن ربه .
وأضاف - سبحانه - الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ذاته فقال : { قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا } لتشريفه صلى الله عليه وسلم وتكريمه ، وللإِشارة إلى قدسية هذه الرسالة وسمو منزلتها ، وأنها لا تسوغ مخالفة من أتى بها ، ولا يصح الخروج عن طاعته ، لأنه رسول من عند الله - تعالى - الذي له الخلق والأمر .
ومفعول ( يبين ) محذوف . أي : يبين لكم الشرائع والأحكام ، وما أمرتم به ، وما نهيتم عنه ، وحذف هذا المفعول اعتماداً على ظهوره ، إذ من المعلوم أن ما يبينه الرسول هو الشرائع والأحكام .
وقوله : { على فَتْرَةٍ } متعلق بقوله ( جاءكم ) على الظرفية ، وقوله : { مَّنَ الرسل } متعلق بمحذوف صفة لفترة . أي : قد جاءكم رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم على حين فتور من الإِرسال وانقطاع الوحي ، ومزيد من الاحتياج إلى البيان .
والتعبير بقوله - تعالى - { على فَتْرَةٍ } فيع معنى فوقية الرسالة على الفترة ، وعلوها عليها ؛ كعلو البيان على الجهل ، والنور على الظلمة ، فمن الواجب عليهم أن يسارعوا إلى اتباع الرسول الذي جاءهم بالحق ، وإلا كانوا ممن يرتضي لنفسه الانحدار من الأعلى إلى الأدنى ، ومن العلم إلى الجهل ، ومن الهدى إلى الضلال .
وقوله - تعالى - { أَن تَقُولُواْ مَا جَآءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ } جملة تعليلية المقصود بها قطع معاذيرهم إذا احتجوا بالجهل وعدم معرفتهم لأوامر الله ونواهيه .
والمراد بالبشير : المبشر الذي يبشر أهل الحق والطاعة بالخير والسعادة .
والمراد بالنذير : المنذر الذي ينذر أهل الباطل والضلال بسوء المصير .
والمعنى : لقد جاءكم يا معشر أهل الكتاب رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم يبين لكم شرائع الله بعد فترة متطاولة من انقطاع الرسل ، لكي لا تقولوا على سبيل المعذرة يوم الحساب ، ما جاءنا من بشير يبشرنا بالخير عند الطاعة ، ولا نذير ينذرنا بسوء العاقبة عند المعصية .
و ( من ) في قوله { مِن بَشِيرٍ } لتأكيد نفي المجيء .
والتنكير في قوله : { بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ } للتقليل ، أي : ما جاءنا أي بشير ولو كان صغيرا ، وما جاءنا أي نذير ولو كان ضئيلا .
وهنا يسوق الله - تعالى - ما يبطل معاذيرهم ، بإثبات أن البشير والنذير قد جاءهم فقال - تعالى - : { فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ } .
والفاء هنا للافصاح عن كلام مقدر قبلها . والتقدير . لا تعتذروا بقولكم ما جاءنا من بشير ولا نذير ، فقد جاءكم رسولنا الذي يبشركم بالخير إن آمنتم وينذركم بسوء المصير إذا ما بقيتم على كفركم . والتنكير هنا في قوله : { بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ } للتعظيم من شأن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي هو خاتم النبيين ، والذي أرسله الله - تعالى - رحمة للعالمين .
وقوله : { بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ } وإن كانا وصفين للرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن ثانيهما قد عطف على أولهما لتغايرهما في المعنى ، لأن التبشير عمل يختلف عن الإِنذار ، وكلاهما من وظائف النبوة .
وقوله - تعالى - { والله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } تذييل قصد به شمول قدرة الله وأنه - سبحانه - لا يعجزه شيء . أي : والله على كل شيء قدير ، فلا يعجزه أن يرسل رسله تترى ، كما لا يعجزه أيضا أن يرسلهم على فترات متباعدة .
وبذلك نرى الآية الكريمة قد بينت سمو الرسالة المحمدية وعظمتها ، وأنها جاءت والناس في أشد الحاجة إليها ، وأنه لا عذر لأهل الكتاب في عدم الاستجابة لها بعد أن بلغتهم ، وبشرتهم بالخير إن آمنوا وأطاعوا ، وبالعذاب الأليم إن استمروا على كفرهم وضلالهم .
وبعد أن بين - سبحانه - جانبا من رذائل أهل الكتاب ، ومن أقوالهم الباطلة في حق الرسول الذي أرسله الله - تعالى - لهدايتهم وسعادتهم وإخراجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإِيمان .
بعد كل ذلك ساق - سبحانه - جانبا مما حدث بين موسى - عليه السلام - وبين قومه بني إسرائيل ، ومما لقيه منه من سفاهة وجبن وتخاذل وعصيان . إذ في ذلك تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم عما شاهده منهم من عناد وجحود . استمع إلى القرآن وهو يحكي بعض قصص بني إسرائيل مع نبيه موسى فيقول :
كَرّر الله موعظتهم ودعوتَهم بعد أن بيّن لهم فسادَ عقائدهم وغرورَ أنفسهم بياناً لا يدع للمنصف متمسَّكاً بتلك الضلالات ، كما وعظهم ودعَاهُم آنفاً بمثل هذا عقّب بيان نقضهم المواثيق . فموقع هذه الآية تكرير لموقع قوله : { يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبيّن لكم كثيراً ممّا كنتم تخفون من الكتاب } [ المائدة : 15 ] الآيات ، إلاّ أنّه ذكر الرسولَ صلى الله عليه وسلم هنا بوصف مجيئه على فترة من الرسل ليذكِّرهم بأنّ كتبهم مصرّحة بمجيء رسول عقب رسلهم ، وليريهم أنّ مجيئه لم يكن بِدعاً من الرسل إذ كانوا يَجيئون على فِتَر بينهم . وذُكِر الرسول هنالك بوصف تبيينه ما يخفونه من الكتاب لأنّ ما ذُكر قبلَ الموعظة هنا قد دلّ على مساواة الرسل في البشرية ومساواة الأمم في الحاجة إلى الرسالة ، وما ذكر قبلَ الموعظة هنالك إنّما كان إنباء بأسرار كتبهم وما يخفون عِلمه عن النّاس لما فيه من مساويهم وسوء سمعتهم . وحذف مفعول { يبيّن } لظهور أنّ المراد بيان الشريعة . فالكلام خطاب لأهل الكتاب يتنزّل منزلة تأكيد لِجملة { يأهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبيّن لكم كثيراً ممّا كنتم تخفون } [ المائدة : 15 ] ، فلذلك فصلت .
وقوله : { على فَترة من الرسل } حال من ضمير { يبيّن لكم } ، فهو ظرف مستقرّ ، ويجوز أن يكون ظرفاً لغواً متعلّقاً ب { جاءكم } . ويجوز تعلّقه بفعل { يبيّن } لأنّ البيان انقطع في مدّة الفترة .
و ( على ) للاستعلاء المجازي بمعنى ( بَعْد ) لأنّ المستعليَ يستقرّ بعد استقرار ما يستعلي هو فوقه ، فشبّه استقراره بعده باستعلائه عليه ، فاستعير له الحرف الدال على الاستعلاء .
والفترة : انقطاع عمل مّا . وحرف ( مِن ) في قوله : { مِن الرسل } للابتداء ، أي فترة من الزمن ابتداؤها مدّة وجود الرسل ، أي أيام إرسال الرسل .
والمجيء مستعار لأمر الرسول بتبليغ الدّين ، فكما سمّي الرسول رسولاً سمّى تبليغه مجيئاً تشبيهاً بمجيء المُرسَل من أحَدٍ إلى آخر .
والمراد بالرسل رُسل أهل الكتاب المتعاقبين من عهد موسى إلى المسيح ، أو أريد المسيح خاصّة . والفترة بين البعثة وبين رفع المسيح ، كانت نحو خمسمائة وثمانين سنة . وأمّا غيرُ أهل الكتاب فقد جاءتهم رسل مثل خالد بن سنان وحنظلة بن صفوان .
و { أن تقولوا } تعليل لقوله : { قد جاءكم } لبيان بعض الحِكَم من بعثة الرسول ، وهي قطع معذرة أهل الكتاب عند مؤاخذتهم في الآخرة ، أو تقريعهم في الدّنيا على ما غيّروا من شرائعهم ، لئلاّ يكون من معاذيرهم أنّهم اعتادوا تعاقب الرسل لإرشادهم وتجديد الدّيانة ، فلعلّهم أن يعتذروا بأنّهم لمّا مضت عليهم فترة بدون إرسال رسول لم يتّجه عليهم ملام فيما أهملوا من شرعهم وأنّهم لو جاءهم رسول لاهتدَوا . فالمعنى أن تقولوا : ما جاءنا رسول في الفترة بعد موسى أو بعد عيسى . وليس المراد أن يقولوا : ما جاءنا رسول إلينا أصلاً ، فإنّهم لا يدّعون ذلك ، وكيف وقد جاءهم موسى وعيسى .
فكان قوله : { أنّ تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير } تعليلاً لمجيء الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم ، ومتعلّقاً بفعل { ما جَاءنا } . ووجب تقدير لام التّعليل قبل ( أنْ ) وهو تقدير يقتضيه المعنى . ومثل هذا التقدير كثير في حذف حرف الجرّ قبل ( أنْ ) حذفاً مطّرداً ، والمقام يعيّن الحرف المحذوف ؛ فالمحذوف هنا حرف اللام .
ويُشكل معنى الآية بأنّ علّة إرسال الرسول إليهم هي انتفاءُ أن يقولوا { ما جاءنا من بشير ولا نذير } لا إثباتُه كما هو واضح ، فلماذا لم يُقَل : أن لا تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذر ، وقد جاء في القرآن نظائر لهذه الآية ، وفي شعر العرب كقول عمرو بن كلثوم :
فعجّلنا القِرى أنْ تَشْتُمُونا
أراد أن لا تشتمونا . فاختلف النحْويون في تقدير ما به يتقوّم المعنى في الآيات وغيرها : فذهب البصريون إلى تقدير اسم يناسب أن يكون مفعولاً لأجله لفعل { جاءكم } ، وقدّروه : ( كراهية أن تقولوا ) ، وعليه درج صاحب « الكشّاف » ومتابعوه من جمهور المفسّرين ؛ وذهب الكوفيون إلى تقدير حرف نفي محذوف بعد ( أنْ ) ، والتقدير : أنْ لا تقولوا ، ودرج عليه بعض المفسّرين مثل البَغوي ؛ فيكون من إيجاز الحذف اعتماداً على قرينة السياق والمقام . وزعم ابن هشام في « مغني اللبيب » أنّه تعسّف ، وذكر أنّ بعض النحويين زعم أنّ من معاني ( أنْ ) أن تكون بمعنى ( لَئِلاّ ) .
وعندي : أنّ الذي ألجأ النحويين والمفسّرين لهذا التأويل هو البناء على أنّ ( أنْ ) تُخلِّصُ المضارع للاستقبال فتقتضي أنّ قول أهل الكتاب : ما جاءنا بشير ولا نذير غير حاصل في حال نزول الآية ، وأنه مقدّر حصوله في المستقبل . ويظهر أنّ إفادة ( أنْ ) تخليص المضارع للمستقبل إفادة أكْثريَّة وليست بمطّردة ، وقد ذهب إلى ذلك أبو حيّان وذكر أنّ أبا بكر الباقلاني ذهب إليه ، بل قد تفيد ( أن ) مجرد المصدرية كقوله تعالى : { وأن تصوموا خير لكم } [ البقرة : 183 ] ، وقول امرىء القيس :
فإمَّا تَرَيْني لا أغمّض ساعة *** مِن الليل إلاّ أن أكبّ وأنْعَسَا
فإنّه لا يريد أنّه ينعس في المستقبل . وأنّ صَرْفَها عن إفادة الاستقبال يعتمد على القرائن ، فيكون المعنى هنا أنّ أهل الكتاب قد قالوا هذا العذر لمن يلومهم مثل الّذين اتّبعوا الحنيفية ، كأمية بن أبي الصلت وزيدِ بن عمرو بن نُفيل ، أو قاله اليهود لنصارى العرب .
وقوله : { فقد جاءكم بشير ونذير } الفاء فيه للفصيحة ، وقد ظهر حسن موقعها بما قرّرتُ به معنى التعليل ، أي لأن قلتم ذلك فقد بطل قولكم إذ قد جاءكم بشير ونذير . ونظير هذا قول عباس بن الأحنف :
قالوا خراسانُ أقصى ما يُراد بنا *** ثم القُفُول فقد جئْنا خُراسانا