مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ قَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمۡ عَلَىٰ فَتۡرَةٖ مِّنَ ٱلرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَآءَنَا مِنۢ بَشِيرٖ وَلَا نَذِيرٖۖ فَقَدۡ جَآءَكُم بَشِيرٞ وَنَذِيرٞۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (19)

{ ياأهل الكتاب قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا } محمد عليه السلام { يُبَيِّنُ لَكُمْ } أي الشرائع وحذف لظهوره ، أو ما كنتم تخفون وحذف لتقدم ذكره أو لا يقدر المبين ويكون المعنى يبذل لكم البيان وهو حال أي مبيناً لكم { على فَتْرَةٍ مَّنَ الرسل } متعلق ب «جاءكم » أي جاءكم على حين فتور من إرسال الرسل وانقطاع من الوحي ، وكان بين عيسى ومحمد عليهما السلام ستمائة سنة أو خمسمائة سنة وستون سنة { أَن تَقُولُواْ } كراهة أن تقولوا { مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ } والفاء في { فَقَدْ جَاءَكُمْ } متعلق بمحذوف أي لا تعتذروا فقد جاءكم { بَشِيرٌ } للمؤمنين { وَنَذِيرٌ } للكافرين ، والمعنى الامتنان عليهم بأن الرسول بعث إليهم حتى انطمست آثار الوحي أحوج ما يكونون إليه ليهشوا إليه ويعدوه أعظم نعمة من الله وتلزمهم الحجة فلا يعتلوا غداً بأنه لم يرسل إليهم من ينبههم من غفلتهم { والله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فكان قادراً على إرسال محمد عليه السلام ضرورة .