الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ قَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمۡ عَلَىٰ فَتۡرَةٖ مِّنَ ٱلرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَآءَنَا مِنۢ بَشِيرٖ وَلَا نَذِيرٖۖ فَقَدۡ جَآءَكُم بَشِيرٞ وَنَذِيرٞۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (19)

قوله تعالى : { يُبَيِّنُ لَكُمْ } : تقدَّم نظيره . وقوله : " على فترة " فيه ثلاثة أوجه ، أظهرها : أنه متعلقٌ ب " جاءكم " أي : جاءكم / على حين فتور من إرسال الرسل وانقطاع من الوحي ، ذكره الزمخشري والثاني : أنه حال من فاعل " يبين " أي : يبين في حال كونه على فترة . والثالث : أنه حال من الضمير المجرور في " لكم " فيتعلَّق على هذين الوجهين بمحذوفٍ . و " من الرسل " صفةٌ ل " فترة " على أن معنى " من " ابتداءُ الغاية أي : فترةٍ صادرة من إرسال الرسل . قوله : { أَن تَقُولُواْ } مفعول من أجله ، فقدَّره الزمخشري : " كراهة أن تقولوا " وأبو البقاء : مخافةَ أن تقولوا ، والأول أَوْلى . وقوله : " يبيِّن " يجوز ألاَّ يُرادَ له مفعول البتة ، والمعنى : يبذل لكم البيانَ ، ويجوز أن يكون محذوفاً : إمَّا لدلالة اللفظ عليه وهو ما تقدَّم من قوله : { يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً } [ المائدة : 15 ] وإمَّا لدلالة الحال أي : يبيِّن لكم ما كنتم تختلفون فيه . " ومن بشير " فاعل ، زِيْدَتْ فيه " مِنْ " لوجود الشرطين و " لا نذير " عطف على لفظه ، ولو قرئ برفعه مراعاةً لموضعه جاز . وقوله : { فَقَدْ جَاءَكُمْ } عطف على جملة مقدرة أي : لا تعتذروا فقد جاءكم . وما بعد هذا من الجمل واضحُ الإِعرابُ لِما تقدم من نظائره .