غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ قَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمۡ عَلَىٰ فَتۡرَةٖ مِّنَ ٱلرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَآءَنَا مِنۢ بَشِيرٖ وَلَا نَذِيرٖۖ فَقَدۡ جَآءَكُم بَشِيرٞ وَنَذِيرٞۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (19)

12

{ يبيّن لكم } في محل النصب على الحال وفيه وجهان : أن يقدر المبين وهو الدين والشرائع وحسن حذفه لأن كل أحد يعلم أن الرسول إنما أرسل لبيان الشرائع ، أو هو ما كنتم تخفون وحسن حذفه لتقدم ذكره وأن لا يقدر المبين . والمعنى يبذل لكم البيان وحذف المفعول أعم فائدة . وقوله : { على فترة } متعلق ب { جاءكم } أو حال آخر . قال ابن عباس : أي على حين فتور من إرسال الرسل وفي زمان انقطاع الوحي . وسميت المدّة بين الرسولين من رسل الله فترة لفتور الدواعي في العمل بتلك الشرائع . وكان بين عيسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم خمسمائة وستون أو ستمائة سنة . وعن الكلبي : كان بين موسى وعيسى ألف وسبعمائة سنة وألف نبي ، وبين عيسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم أربعة أنبياء ، ثلاثة من بني إسرائيل وواحد من العرب خالد بن سنان العبسي . وأما العنسي بالنون فهو المتنبئ الكاذب . والمقصود أن الرسول بعث إليهم حين انطمست آثار الوحي وتطرق التحريف والتغير إلى الشرائع المتقدمة وكان ذلك عذراً ظاهراً في إعراض الخلق عن العبادات ، لأن لهم أن يقولوا إلهنا عرفنا أنه لا بد من عبادات ولكنا ما عرفنا كيف نعبدك ، فمن الله تعالى عليهم بإزاحة هذه العلة وذلك قوله : { أن تقولوا } أي كراهة أن تقولوا : { ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم } أي لا تعتذروا فقد جاءكم . والحاصل أن الفترة توجب الاحتياج إلى بعثة الرسل والله قادر على ذلك لأنه قادر على كل شيء ، فكان يجب في حكمته ورحمته إرسال الرسل في الفترات إلزاماً للحجج وإقامة للبينات .

/خ19