بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ قَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمۡ عَلَىٰ فَتۡرَةٖ مِّنَ ٱلرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَآءَنَا مِنۢ بَشِيرٖ وَلَا نَذِيرٖۖ فَقَدۡ جَآءَكُم بَشِيرٞ وَنَذِيرٞۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (19)

قوله تعالى : { يا أَهْلِ الكتاب } يعني يا أهل التوراة والإنجيل ، وإنما أضافهم إلى الكتاب والله أعلم على وجه التعيير ، يعني أنتم أهل الكتاب فلم لا تعملون بكتابكم ؟ كقوله : يا عاقل لم لا تفعل كذا وكذا ، وإنما تذكر العقل على معنى التعيير أي إنك لا تعمل عمل العقلاء . ثم قال : { قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم { يُبَيّنُ لَكُمْ } الدين والأحكام والشرائع { على فَتْرَةٍ مَّنَ الرسل } يعني بعد انقطاع من الرسل والوحي . وقال مقاتل : في الآية تقديم وتأخير ، معناه قد جاءكم رسولنا { على فترة من الرسل } يبين لكم ، وإنما سمي { فترة } لأن الدين يفتر ويندرس عند انقطاع الرسل ، يعني بين عيسى ومحمد عليهما السلام وقال قتادة : كان بين عيسى ومحمد عليهما السلام خمسمائة وستون سنة . وقال الكلبي : خمسمائة وأربعون سنة . وقال الضحاك ومقاتل : كان بينهما ستمائة سنة . وقال وهب : كان بينهما ستمائة وعشرون سنة . ثم قال : { أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ } يعني لكي لا تقولوا : ما جاءنا من رسول بعد ما درس الدين ليبشرنا وينذرنا { فَقَدْ جَاءكُمُ } محمد صلى الله عليه وسلم { بَشِيرٍ } بالجنة { وَنَذِيرٌ } من النار { والله على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ } من المغفرة والعذاب وبعث الرسل .