{ يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير ( 19 ) }
{ يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل } المراد بأهل الكتاب اليهود والنصارى ، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، والمبين هو ما شرعه الله لعباده ، وحذف للعلم به لأن بعثة الرسل إنما هي بذلك ، والفترة أصلها السكون ، يقال فتر الشيء سكن ، وقيل الانقطاع قاله أبو علي الفارسي وغيره ، ومنه فتر الماء إذا انقطع عما كان عليه من البرد إلى السخونة ، وفتر الرجل عن عمله إذا انقطع عما كان عليه من الجد فيه ، وامرأة فاترة الطرف أي منقطعة عن حدة النظر ، والمعنى أنه انقطع الرسل قبل بعثته صلى الله عليه وسلم مدة من الزمان{[612]} .
واختلف في قدر مدة تلك الفترة ، قال سلمان : فترة ما بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ستمائة سنة ، أخرجه البخاري ، قال قتادة : كانت الفترة بين عيسى ومحمد ستمائة سنة وما شاء الله من ذلك ، وعنه قال : خمسمائة سنة وستون سنة ، وعن الكلبي خمسمائة سنة وأربعون سنة ، وقال ابن جريج كانت خمسمائة سنة ، وقال الضحاك : وكانت أربعمائة سنة ونصفان وثلاثين سنة .
وعن ابن عباس قال : بين موسى وعيسى ألف سنة وتسعمائة سنة ، ولم تكن بينهما فترة فإنه أرسل بينهما ألف نبي من بني إسرائيل سوى من أرسل من غيرهم ، وكان بين ميلاد عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وتسع وستون سنة ، بعث في أولها ثلاثة أنبياء كما قال تعالى { إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث } والذي عزز به شمعون وكان من الحواريين وكانت الفترة التي لم يبعث الله فيها رسولا أربعمائة وثلاثين سنة ، وقد قيل ما ذكرناه .
قال الرازي : والفائدة في بعثة محمد صلى الله عليه وسلم عند فترة الرسل هي أن التحريف والتغيير قد كان تطرق إلى الشرائع المتقدمة لتقادم عهدها وطول أزمانها ، وسبب ذلك اختلاط الحق بالباطل والكذب بالصدق ، فصار ذلك عذرا ظاهرا في إعراض الخلق عن العبادات لأن لهم أن يقولوا يا إلهنا عرفنا أنه لا بد من عبادتك ولكننا ما عرفنا كيف نعبدك فبعث الله في هذا الوقت محمدا صلى الله عليه وسلم لإزالة هذا العذر ، فلذلك قوله تعالى :
{ أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير } تعليل لمجيء الرسول بالبيان على حين فترة أي كراهة أن تقولوا هذا القول معتذرين عن تفريطكم ، ومن زائدة للمبالغة في نفي المجيء ، والفاء في قوله : { فقد جاءكم } هي الفصيحة { بشير ونذير } وهو محمد صلى الله عليه وسلم لإزالة هذا العذر { والله على كل شيء قدير } ومن جملة مقدوراته إرسال رسوله على فترة من الرسل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.